- معرفته للمنافقيـن .
كان حذيفة رضي الله عنهيعلم أسماء المنافقين وكان عمر إذا مات ميّت يسأل عن حذيفة ، فإن
حضر الصلاة عليه صلى عليه عمر ، و إن لم يحضر حذيفة الصلاة عليه لم يحضر عمر .
- أقوالـه .
لحذيفة بن اليمان أقوالاً بليغة كثيرة :
فقد كان واسع الذكاء والخبرة ، وكان يقول للمسلمين ليس خياركم الذين يتركون الدنيا للآخرة ، ولا الذين
يتركون الآخرة للدنيا ، ولكن الذين يأخذون من هذه ومن هذه .
يقول اليمان أنا أعلم النّاس بكل فتنة هي كائنة فيما بيني وبين الساعة ، وما بي أن يكون رسول الله صلى
الله عليه وسلم اسرَّ إليَّ شيئاً لم يحدِّث به غيري ، وكان ذكر الفتنَ في مجلس أنا فيه ، فذكر ثلاثاً لا يذَرْنّ
شيئاً ، فما بقي من أهل ذلك المجلس غيري كان رضي الله عنه يقول ان الله تعالى بعث محمدا
صلى الله عليه وسلم فدعا الناس من الضلالة الى الهدى ، ومن الكفر الى الايمان ، فاستجاب له من
استجاب ، فحيى بالحق من كان ميتا ، ومات بالباطل من كان حيا ، ثم ذهبت النبوة وجاءت الخلافة
على منهاجها ، ثم يكون ملكا عضوضا ، فمن الناس من ينكر بقلبه ويده ولسانه ، أولئك استجابوا
للحق ، ومنهم من ينكر بقلبه ولسانه ، كافا يده ، فهذا ترك شعبة من الحق ، ومنهم من ينكر بقلبه ، كافا
يده ولسانه ، فهذا ترك شعبتين من الحق ، ومنهم من لاينكر بقلبه ولا بيده ولا بلسانه ، فذلك ميت
الأحياء و يتحدث عن القلوب والهدى والضلالة فيقول القلوب أربعة : قلب أغلف ، فذلك قلب كافر
و قلب مصفح ، فذلك قلب المنافق و قلب أجرد فيه سراج يزهر ، فذلك قلب المؤمن و قلب فيه نفاق
و ايمان ، فمثل الايمان كمثل شجرة يمدها ماء طيب و مثل المنافق كمثل القرحة يمدها قيح
ودم ، فأيهما غلب غلب .
- آخر ما سمِعه من الرسول .
عن حذيفة قال : أتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي توفاه الله فيه ، فقلت : يا رسول
الله ، كيف أصبحت بأبي أنت وأمي ؟ * فردَّ عليّ بما شاء الله ثم قال : يا حذيفة أدْنُ منّي فدنوتُ
من تلقاء وجههِ ، قال : يا حُذيفة إنّه من ختم الله به بصومِ يومٍ ، أرادَ به الله تعالى أدْخَلَهُ الله الجنة ، ومن
أطعم جائعاً أراد به الله ، أدخله الله الجنة ، ومن كسا عارياً أراد به الله ، أدخله الله الجنة * قلتُ : يا
رسول الله ، أسرّ هذا الحديث أم أعلنه * قال : بلْ أعلنْهُ .
فهذا آخر شيءٍ سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
- وفاته .
لمّا نزل بحذيفة الموت جزع جزعاً شديداً وبكى بكاءً كثيراً ، فقيل : ما يبكيك ؟ * فقال : ما أبكي
أسفاً على الدنيا ، بل الموت أحب إليّ ، و لكنّي لا أدري على ما أقدم على رضىً أم على سخطٍ .
ودخل عليه بعض أصحابه ، فسألهم : أجئتم معكم بأكفان ؟ قالوا : نعم * قال : أرونيها فوجدها جديدة
فارهة ، فابتسم و قال لهم : ما هذا لي بكفن ، انما يكفيني لفافتان بيضاوان ليس معهما قميص ، فاني
لن أترك في القبر الا قليلاً ، حتى أبدل خيراً منهما ، أو شراً منهما * ثم تمتم بكلمات : مرحباً بالموت ،
حبيب جاء على شوق ، لا أفلح من ندم * و أسلم الروح الطاهرة لبارئـها في أحد أيام العام الهجري
السادس والثلاثين بالمدائن ، وذلك بعد مَقْتلِ عثمان بأربعين ليلة .