أبشر أختي المؤمنة، فإنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"ذهبتِ النبوة وبقيتِ المبشرات"
قيل: وما المبشرات يا رسول الله؟ قال:
"الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو تُرى له" رواه الإمام أحمد [6].
من المبشرات أن من رأى النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم في المنام سيفوز بحسن الختام والدخول بلا عذاب إلى جنة الخلد دار السلام، فالرسول بشَّر من رءاه في المنام بدخول الجنان فقال:
"من رءاني في المنام فسيراني في اليقظة" رواه البخاري في صحيحه [7].
ولقد قال أهل العلم: إن رؤيته صلى الله عليه وسلم في المنام بشرى كبيرة للرائي،
وهي أنه لا بد أن يراه في اليقظة قبل الموت،
والنبي صلى الله عليه وسلم حي في قبره لا يخرج منه،
فيصير ما بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم من الجبال وغيرها كالبلور.
وأما ما قاله البعض:
إنّ المراد باليقظة هنا الآخرة،
فجواب أهل العلم على كلامه:
أين المزية إذن لمن رأى النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا في المنام طالما أن من مات على دينه صلى الله عليه وسلم سواء رءاه في الدنيا في المنام أم لم يره في المنام فالكل سيراه في الآخرة؟!
وما معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "فسيراني في اليقظة"؟!
فالمراد رؤيته في الدنيا قبل الموت.
لقد ورد بالإسناد المتصل أن رجلاً كان في عصر السلف بعد نحو مئة وخمسين سنة من وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم يسمى الحسن بن حي، كان من العلماء العاملين من أهل الحديث الاتقياء وله أخ مثله، هذا الحسن بن حي لما كان على فراش الموت سمعه أخوه يقرأ قوله تعالى:
{ومَن يُطعِ الله والرسول فأولئكَ معَ الذينَ أنعمَ الله عليهم من النبيين والصِّدِّيقين والشهداءِ والصالحين وحَسُنَ أولئكَ رفيقًا} [سورة النساء/69].
فلما سمعه يتلو الآية قال له:
يا أخي تتلو تلاوةً أم ماذا؟ قال:
لا، بل أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك لي ويبشرني بالجنة وأرى الملائكة وأرى الحور العين.
بشرانا إن نحن رأينا *** في الرؤيا وجه المختار
مبتسم الثغر وضاحكه *** وضّاء بالنور الساري
من شاهد شيئًا يعجبه *** تكرارًا قد يتجنبه
وجمال الهادي نرقبه *** لن نسأم رغم التكرار
فإن قال قائل: وكيف لي أن أعرف ان الذي رأيته في المنام هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؟
فالجواب: أنه يقع في قلبك وتطمئن نفسك أن هذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وإن قال: ما أوصافه الخلقية حتى أعرفه بها؟
فالجواب: قد تراه على صورته الحقيقية وقد تراه على غير صورته الحقيقية ولكن مع اطمئنان النفس بأن من تراه هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن الشيطان لا يتمثل به صلى الله عليه وسلم، وأما عن أوصافه الخلقية صلى الله عليه وسلم: فإنه صلى الله عليه وسلم كامل في ذاته مكمّل في أوصافه، جميل الصورة، ظريف القوام، مربوع القامة ليس بالطويل الذاهب ولا بالقصير، عظيم الرأس، بعيد ما بين المنكبين، سواء البطن والصدر، مشرق الوجه، كأنه البدر ليلة التمام، أجلى الجبهة، قمري الجبين واسعه، حواجبه هلالية، كحيل الطرف، أهدب العينين، أبيض الخدين مشرب بالحمرة، يجري الحسن في خديه، عظيم اللحية، كوكبي الأنف، خاتم الفم، جميل الابتسام، مفلّج الأسنان، سلسبيل الريق، معتدل العنق في صفاء الفضة النقية.