الدِّيْنُ النَّصِيْحَةُ من سلسلة التفكر حديث وشرحه
عنْ أَبِيْ رُقَيَّةَ تَمِيْم بْنِ أَوْسٍ الدَّارِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النبي ﷺ قَالَ:( الدِّيْنُ النَّصِيْحَةُ قُلْنَا: لِمَنْ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ: للهِ، ولكتابه، ولِرَسُوْلِهِ، وَلأَئِمَّةِ المُسْلِمِيْنَ، وَعَامَّتِهِمْ (رواه مسلم.
( الدِّيْنُ النَّصِيْحَةُ) مثل قوله: ما الدين إلا النصيحة، فإذا كان طرفا الجملة معرفتين كان ذلك من باب الحصر.
( الدِّيْنُ) يعني بذلك دين العمل، لأن الدين ينقسم إلى قسمين: دين عمل ودين جزاء. فقوله تعالى: (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) المراد به: دين الجزاء، وقوله تعالى: (وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً) المراد به: دين العمل.
(الدِّيْنُ النَّصِيْحَةُ) المراد به دين العمل، والنصيحة بمعنى إخلاص الشيء.
وأبهم النبي ﷺ لمن تكون النصيحة من أجل أن يستفهم الصحابة رضي الله عنهم عن ذلك. قُلْنَا: (لِمَنْ يَارَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ: للهِ،ولكتابه،ولِرَسُوْلِهِ، وَلأَئِمَّةِ المُسْلِمِيْنَ، وَعَامَّتِهِمْ ) النصيحة لله تتضمن أمرين:
الأول:إخلاص العبادة له. الثاني: الشهادة له بالوحدانية في ربوبيته وألوهيته، وأسمائه وصفاته.
النصيحة لكتابه تتضمن أموراً منها: الأول: الذبّ عنه، بأن يذب الإنسان عنه تحريف المبطلين، ويبيّن بطلان تحريف من حرّف.
الثاني: تصديق خبره تصديقاً جازماً لا مرية فيه، فلو كذب خبراً من أخبار الكتاب لم يكن ناصحاً، ومن شك فيه وتردد لم يكن ناصحاً.
النصيحة للعلماء تكون بأمورٍ منها:
الأول: محبتهم، لأنك إذا لم تحب أحداً فإنك لن تتأسّى به.
الثاني: معونتهم ومساعدتهم في بيان الحق، فتنشر كتبهم بالوسائل الإعلامية المتنوعة التي تختلف في كل زمان ومكان.
الثالث: الذبّ عن أعراضهم، بمعنى أن لا تقرّ أحداً على غيبتهم والوقوع في أعراضهم،وإذا نسب إلى أحدٍ من العلماء الربانيين شيء يُستنكر فعليك ان تثبت نسبته إليه و إذا تبيّن أنه ليس بمنتقد فالواجب أن تذبّ عنه وتنشر هذا بين الناس.
النصيحة للأمراء تكون بأمور منها:
أولاً: اعتقاد إمامتهم وإمرتهم، فمن لم يعتقد أنهم أمراء فإنه لم ينصح لهم، لأنه إذا لم يعتقد أنهم أمراء فلن يمتثل أمرهم ولن ينتهي عما نهوا عنه.
ثانياً: نشر محاسنهم في الرعية، لأن ذلك يؤدي إلى محبة الناس لهم.
ثالثاً: امتثال ما أمروا به وما نهوا عنه، إلا إذا كان في معصية الله عزّ وجل لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.