قصيدة الشاعر محمد العلي الميمان في وصية ابنه (1-2) حررها الربيعي في عام 1364هـ فوثق تاريخ المخطوطة :-
إبراهيم الربيعي يرحمه الله
خــذ الـكــلام وخـــذ سـمـيـن الـوصـيـه واعبـد رفـيـع الـعـرش واخـلـص بنـيـه
حــتـــى إلــــــى زاورك يــــــوم الـمـنــيــه ولا النـدامـه مــا تـجـي لــك بـروعـات
والظـلـم حــذرا لا تـجــي فـــي حـــدوده والمـنـسـتـر لــيــاك تـبــحــث ســـــدوده
واعـرف تــرى الظـالـم عـديـمٍ سـعـوده زودٍ عــلــى ذمــــه يــجـــازى بـلـعـنــات
خـلــك بـصـيـرٍ يـــا سـنــادي وعــــراف وافـهـم وصـايـا مــن تعـنـاك بـالـقـاف
سـيــر حـيـاتـك بـالـمـعـزه والانــصــاف والـنـاس لا تمـشـي لـهـم بالـمـعـادات
تـــرى رديـيــن الـبـخـت مـــا يـفــوزون لا بـالـحـيـاة ولا بــعــد مــــا يـمـوتــون
مــا دامـهـم فــي فعلـهـم مــا يـراعـو نخـوف الفضـايـح والشـنـا والعقـوبـات
انـظـر تواليـهـا عـلـى العـاقـبـة مـــوتو العـيـب فــي كــل التـواريـخ مـمـقـوت
والمسلك الخاطي به الرجل مشموت احـــــذر نــهـــارٍ يـدفــعــك بـالـنـدامــات
والــحــق لا يـجـمــد بـشـافـيــك قــولـــه تـــرى الشـجـاعـه للـرجـاجـيـل طــولــه
والرجـل يـعـرف فــي محـاسـن فعـولـه والطيـب يصعـد بــه رفـيـع المقـامـات
واعــرف تــرى سـيـرة كثـيـر الـخـلايـق سارت بهـم مـن عنـد عـوج الطرايـق
تـمـشــي رغـايـبـهـم ولا فــيــه عــايــق مـع الطـريـق أبــا الخـطـا والخطـيـات
والـشــر يـاصــل والـسـواعــي تـشـيـلـه وإبـلـيــس يــجــري قـدمـهــم كالـدلـيـلـه
والـعـلـم الأبــلــج مــيــتٍ فــيــه حـيـلــه يـجــر عـمــره مـــن طـريــق الـمـلـفـات
والكلمـه الـلـي يسمـعـه عـنـك غـيـرك يمشـي بهـا اللـي مكنـه منـك خـيـرك
والغـايـه الـلـي قلـتـهـا عـــن مـسـيـرك لازم تــراهــا عــنــد الآخــــر امـــــودات
ولا حـمـلـهـا لـلـمــلا حــامــل الــشـــوم تلـقـاه يبـنـي بالحـجـر سبـعـة رجـــوم
كــنـــه بــحـــالات الأجــاويـــد مــلـــزوم يـكـشـف حـــوالٍ بالسـتـايـر امـغـطـات
يسعـى بهـا كـنـه ربــح مـلـك فــاروق والمـايـلـه يـرفــع ذنـبـهـا إلــــى فــــوق
يشفق علـى تبيانهـا بوسـط السـوق والمستـمـع مـابـيـن حـاســد وشـمــات
الشاعر : هو محمد العلي الميمان من أهل القرن الرابع عشر الهجري من أهل القصيم سكن مكة المكرمة وتوفي فيها رحمه الله .
مناسبة القصيدة : قالها الشاعر موصيا ابنه وقد وضح ذلك الربيعي ( رحمه الله ) في تقديم القصيدة بقوله : " مما قال محمد العلي الميمان يوصي ابنه حسن " والوصايا غرض من أغراض الشعر بدأ يقل الاهتمام به من قبل الشعراء في هذا العصر وإن كان هناك من يتناوله فهو تناول تقليدي وتكرار ممجوج لبعض القصائد القديمة، وشدني في هذا النص، صدق التناول وقوة العاطفة المشوبة بالحرص على إيصال الفكرة بكل وضوح ودقة للمتلقي .
دراسة النص : ورد النص في إحدى مخطوطات الربيعي ولم أجده عند غيره بحسب ما أطلعت عليه، وقد وثق الربيعي ( رحمه الله ) تاريخ تحرير النص في 28 / شعبان / 1364هـ فكان دالاً على تاريخ المخطوط ككل، والقصيدة من المطولات وهي على فن المروبع وتبلغ مائة وأحد عشر بيتاً ومطلع القصيدة :-
عيني حربها عن كرا النوم فزات والقلـب منـي مـا تهـنـى بـراحـات
وما يميز القصيدة عن غيرها أن الشاعر قد حشد فيها كماً هائلاً من الوصايا التي تدخل في غرض النصح والتوجيه، وتمثل خلاصة تجربة الشاعر في الحياة، وقد حرص على تقديمها لابنه حاضاً له على عبادة الله، وإخلاص النية وأن يجعل مخافة الله عز وجل نصب عينيه، محذراً إياه من الظلم أو كشف ما ستر الله، فالظالم ليس له توفيق من الله وهو مذموم من الناس مؤكداً على ابنه أن يعيش عزيزاً منصفاً في جميع أموره وأن يحرص على عدم خلق عداوات مع الناس، وأن من أسباب عدم الفوز بالدنيا والآخرة أن لا يردع الإنسان رادع حياء من الناس أو خوف من عقوبة الرب، فطالما الموت هو نهاية الإنسان فعليه أن يتجنب ما يعيبه وأن لا يسلك في مسالك الخطأ التي تودي به إلى الندم، كما عليه أن لا يسكت عن قول الحق فذلك من الشجاعة والرجال تعرف بالأفعال الحسنة التي ترفع مكانتها بين الناس، وعليه أن يدرك بأن مسلك الخطأ والخطيئة سهل وأن الشر هناك من يسعى به ويتكفل بإيصاله ودليل الناس في ذلك إبليس الذي هو عاجز عن فعل الخير، ويؤكد شاعرنا على حفظ اللسان والحذر من الزلل فالكلمة إذا خرجت من الشخص فسينقلها من أحسن إليه وقربه وعرف أسراره، بل أنه يزيد عليها ويقوله مالا قال ليفضحه عند الناس، وكأنه بعمله هذا قد حاز ملك فاروق حاكم مصر في عصره ومن أجمل ما قيل في هذا السياق وصية علي بن أبي طالب رضي الله لابنه الحسين رض الله عنه والتي منها " يا بني أوصيك بتقوى الله عز وجل في الغيب والشهادة وكلمة الحق في الرضا والغضب، والقصد في الغنى والفقر، والعدل في الرفيق والعدو، والعمل في النشاط والكسل، ما شر بعده الجنة بشر، ولا خير بعده النار بخير، وكل نعيم دونه الجنة محقور، وكل بلاء دونه النار عافيه ... " وثقها الربيعي في مخطوطته قصيدة الشاعر محمد العلي الميمان في وصية ابنه (2-2) صورة للمخطوطة :-
أوصيك في حفظ الشـرف والشهامـة يـــا مـسـنـدي حـتــى تـنــال الـسـلامـة
لـــيـــاك تـــغــــرا بــالــرزيـــل الــفــدامـــة ثم (ن) يجي فيك الـردى بالمجـارات
تـــرى الـنـقـايـص يـبـعـثـن الـنـقـايـص يخسر بهـن اللـي بالأوحـال غايـص
والـلـي بـرايـه مـــع مـخـازيـه هـايــص تبقـى حيـاتـه فــي طـلايـب ونشـبـات
والكـبـر بـالـك لا يـجـي عـنـك طـريـاها فطـن لعيبـك واحتـرس مـن خطـايـاه
ولا وجــدتــه يـكـبــر الــنــاس واجــــراه فـأوره مــن النـفـس العـزيـزة مـجـازات
والـنـفـس عـــزة عـــن جـمـيـع الـدنـايـا وارفــع مـحـلـه عـــن وقـــوع الخـطـايـا
واحـفــظ لـسـانـك عـــن ردي الحـكـايـ اتـــرى الــرجــال يـفـســدون الـمـقــالات
وإن جاك من بعض المعادين حيفـة فاستعمـل اللـي فـي المواقـف يخيفـه
ولا اتــســاهــل بـــالأمـــور الـخـفـيــفــة تـرى الصغـايـر مــن بـنـات الكبـيـرات
وأكــــرم قـريـبــك بـالـرضــا والـمـعـونــة وامـح الـزعـل عــن خـاطـره والمهـونـة
اوقـــف مـعــه لـيــن الـعــدا يـقـهـرونـه واحرص على إنه لا يجي منك زلات
والــمــال خــلــه بالـفـضـايـل يـشـيـعـ ياظـهــر مواجـيـبـه وفــعــل الصـنـيـعـي
وبـغـيــر دربــــه لا يــــروح ويـضـيـع ـياعمـد علـى طـرق الـوفـا والشـكـالات
واختـر صديـقٍ فـي مجاريـه يرضـيـ كشـف للغيـور اللـي بنفـسـه يواسـيـك
الــلـــي بــحـــزات الــشــدايــد يـــوريـــك فـعــلٍ جـمـيـلٍ مـــن فـعــولٍ جـمـيــلات
والـســد خـلــه فــــي ســرايــرك خــافــي ما يسمعـه غيـر الصديـق المصافـي
الـلــي تــعــرف إنــــه شــويــرٍ ويــافــي وإنـــه يعـيـنـك فـــي نـهــار المـهـمـات
يـــا كـثــر صـدقــان الـرخــا بـالـعـداد يأهـــل الـلـطـافـة بالـحـكـايـا الــجــدادي
الــلــي مـحـبـتـهـم تــجـــي بــازديـــادي وعلومهم مع صاحب المـال سنعـات
لـكـنــهــم عـــنـــد الــشــدايــد قـلـيـلــيــن ومـــن المـحـاسـن والـمـراجـل بـريـيــن
أيضـاً ولا تاجـد بهـم ضحـكـة العـيـن غـــــدارةٍ فــيــهــم كــثــيــر الـمـنــاجــات
وافـهــم تـــراك إلـــى تـلايـنـت لـلـنـاس في حاجة تجدع بها النفس والـراس
فـاجـزم تــراك مــن المـذلـة والإفــلاس تـنـدم ولا تـرضـى عـلـى فـايــتٍ فـــات
الشاعر : هو محمد العلي الميمان من أهل القرن الرابع عشر الهجري، من أهل القصيم سكن مكة المكرمة وتوفي فيها رحمه الله .
مناسبة القصيدة : قالها الشاعر موصيا ابنه وقد وضح ذلك الربيعي ( رحمه الله ) في تقديم القصيدة بقوله : " مما قال محمد العلي الميمان يوصي ابنه حسن " والوصايا غرض من أغراض الشعر، بدأ يقل الاهتمام بها من قبل الشعراء في هذا العصر وإن كان هناك من يتناوله فهو تناول تقليدي وتكرار ممجوج لبعض القصائد القديمة، وشدني في هذا النص، صدق التناول وقوة العاطفة المشوبة بالحرص على إيصال الفكرة بكل وضوح ودقة للمتلقي .
دراسة النص : نستكمل اليوم استعراض الوصايا التي حشدها الشاعر في النص وقدمها لابنه حاضاً له أن يعيش شريفاً شهماً وأن لا يعجب بالتافه من الناس ولا يصاحبه فإن فعل فهو لا شك سيتطبع بطباعه، وكأن شاعرنا يستحضر في هذا المعنى بيت طرفة بن العبد :-
عن المرء لا تسل وسل عن قرينه فــكــل قــريـــن بـالـمـقــارن يـقــتــدي
ثم يحذر الشاعر ابنه من الكبر أو حتى يرى الناس في تصرفاته بوادر كبر، ويرفع نفسه عن الدناءة ويحفظ لسانه عن الفحش والبذاءة حتى لا يكون صيداً سهلاً لمن يتربص به الزلل فيحمل كلامه ما لا يحتمل، ويؤكد على ابنه عندما يعتدي عليه أحد فليكون حازماً في مواجهته ولا يتهاون في ذلك مهما صغر ذلك الموقف فالصغائر إنما هي نتاج عن أمور أكبر من ذلك ثم يأمره أن يحسن معاملة الأقرباء ويكون عونا لهم في أمورهم وأن لا يروا منه ما يكدر خواطرهم أو يشعرهم بالإهانة وأن يقف معهم في مواجهة ظلم الآخرين لهم، وأن ينفق المال في أوجه الخير وصنائع المعروف، وأن يحسن اختيار الصديق الوفي الذي يحب لصديقه ما يحب لنفسه ولا يتخلى عنه وقت الشدائد والمحن، وأن لا يفشي سراً إلا لصديق عرف صدقه عند الحاجة، فالأصدقاء كثر في الرخاء قلة في الشدائد يظهرون الود واللطف لصاحب المال رغم أن عيونهم تفضح نواياهم السيئة فهم ذوو غدر ودائما ما يتناجون فيما بينهم، ويحذره من أن يهين نفسه في حاجة عند أحد، فذلك من الذل والإفلاس الذي ستندم عليه ما حييت وفي الختام هذه بعض من الوصايا التي تضمنتها القصيدة وقد حرص الشاعر على أن يلتزم بها ابنه وأشار إلى ذلك في هذا البيت :-
إما الوصايا اللي وعدناك فيها الواجـب إنـك مــا تنـكـر عليـهـا
وأنــا عـلـي أبــدا بـهـا وأنتقيـهـا ولا لـك إلا وضعهـا لـك منقـات