من تنادي بالتعدد تريد أن تتخلص من الأعباء الزوجية

[روعة النسيان]

"اذهب وتزوج بأخرى" عبارة كان من المستحيل أن تسمعها من قبل على لسان أي امرأة حتى وإن كثرت متطلبات زوجها، بيد أنه في بادرة جديدة من نوعها، شجعت سيدة سعودية في مؤلف جديد لها النساء على السماح لأزواجهن بالتعدد، معتبرة أن له فوائد عديدة ستدركها المرأة بعد زواج زوجها من أخرى.

فهل يمكن أن تلاقي هذه الفكرة قبولاً عند المرأة السعودية، وهل يمكن لأنثى أن تطلب من زوجها أن تشاركها أخرى فيه؟!!
"سبق" تحاول أن ترصد آراء مختلفة لرجال ونساء، كما تقف عند رأي المختصين لمعرفة السمات الشخصية للمرأة التي تنادي بتعدد الزوجات....
كثرة المتطلبات الزوجية
في البداية أبدت المواطنة "أحلام" سعادتها وتشجيعها لهذه الفكرة وقالت لـ "سبق": إن زوجي دائماً يتهمني بالتقصير ، وفي حقيقة الأمر إني لا استطيع الوفاء بمتطلبات الزوجية، وخصوصاً في ظل متابعاتي المستمرة لمذاكرة أبنائي والقيام بأعباء المنزل.

واستكملت حديثها: طلبت من زوجي الزواج بثانية ، فلم يتقبل الفكرة في البداية بل اتهمني بالخيانة والتخلص منه كي أتزوج مرة أخرى، وتابعت: أوضحت له أنني أريد سعادته ولكنه لم يقتنع.

بيد أن "فوز" رفضت مناقشة الفكرة كلياً وقالت لـ"سبق " لم أتخيل مطلقاً عرض هذه الفكرة على زوجي على الرغم من إيماني بحقه في التعدد، بيد أني أعلم أن الرجل عندما يتزوج بأخرى فإنه يوجّه كل اهتمامه لها وهذا من طبيعة الرجل، وأعربت عن سخريتها من هذه المرأة قائلة: بالتأكيد هذه المرأة لا تحب زوجها لأنها لو أحبته لما عرضت هذه الفكرة الجنونية حيث إن الغيرة من فطرة المرأة.

تبحث عن الشهرة
أما "أنس السعيدي" استنكر بشدة فكرة عرض الزوجة على زوجها التعدد، وقال: أعتقد أن هذه الكاتبة أرادت الشهرة فقط بكتابها وليس حباً في التعدد، معتبراً أن أهم ما يسعد أي رجل هو إحساسه بأن زوجته تغير عليه وترفض إعطاءه لأخرى.
ووافقت على رأي أنس "أم فراس" وقالت: كيف لامرأة أن تعرض على زوجها أن يذهب لأخرى مستغربة بشدة هذا الفعل، مشيرة إلى أنه من الطبيعي أن يطلب الزوج من زوجته الزواج بأخرى لأي سبب والزوجة عادة ما ترفض أو تقبل بالأمر الواقع وهي حزينة لا حول لها ولا قوة.

واعتبرت أن المرأة التي تطلب من زوجها التعدد مجنونة، ولا تدري عواقب فعلتها، قالت: لا يمكن لامرأة تحب زوجها أن تضحي به بسهولة حتى إذا كانت تعبت من المسؤوليات الزوجية أن تطلب من زوجها أن يذهب لأخرى.

فكرة رائعة
"عبدالله الزهراني" أبدى سعادته بهذه الفكرة وقال لـ"سبق" : إنها فكرة رائعة وهذا حقي الشرعي، وخصوصاً نحن نعيش في عصر الفضائيات ونشاهد جميلات يتألقن، وأنا أريد حماية نفسي من ارتكاب الحرام، وتابع حديثه: أتمنى أن تشجعني زوجتي على الزواج الثاني، بيد أني أعلم أن زوجتي شديدة الغيرة ولو علمت بهذه الفكرة لأغلقت عليّ جميع منافذ التواصل مع الأخريات.

إخفاء المشاعر
من جهة أخرى وصفت استشارية علم النفس الإكلينيكي مها حريري المرأة التي تشجع على التعدد بأنها امرأة عقلانية لا تقودها العواطف، ويغلب عليها في العادة التفكير العقلاني المنطقي بيد أنها قالت إن لكل سلوك تنهجه المرأة دافعاً، والدافع هنا هو تخفيف الالتزام ومتطلبات الزوجية عنها.

وفسرت استهجان واستنكار العديد من النساء للفكرة التي عرضتها الكاتبة عن التعدد بأنه عادة ما يقابل أي سلوك تفوق فيه درجة الوعي عن المشاعر استنكار من الأخريات، فيما رأت أن تلك المرأة التي تدعو وتنادي بالتعدد ربما تكون أكثر غيرة على زوجها بيد أن لديها القدرة على إخفاء مشاعرها.

وتوقعت حريري ألا تخرج أهداف الكاتبة عن حالتين الأولى إما أن تكون "الكاتبة" زوجة ثانية وتحاول ترغيب الزوجة الأولى في التعدد، أو أنها فعلاً زوجة أولى ومتطلبات زوجها فوق طاقتها وتريد تخفيف العبء عليها وفق الشرع، فأشارت عليه بالزواج.

شهر العسل
وحول رد فعل الزوج تجاه عرض زوجته عليه بالتعدد قالت استشارية الطب النفسي: هذا يرجع إلى علم الزوج بشخصية زوجته إذا كانت من الشخصيات العقلانية في كل أمورها فلن يستغرب فكرتها، وإذا كانت لا فإنه سوف يصاب بحيرة شديدة.
وقالت: طبيعة الرجل أنه يفرح عندما تطلب منه زوجته التعدد، ولكن إذا كانت الزوجة الثانية غير جيدة ولا تتوافق معه فكرياً ونفسياً فإنه يكرهها وينقم على الزوجة الأولى ويحاول طلاق الثانية، بل وقد يطلب من زوجته الأولى اختيار عروس أخرى.

وفي ختام حديثها لـ "سبق" قال حريري: إن التعدد ربما يجعل العلاقة العاطفية بين الزوج والزوجة الأولى تتوطد، وسوف تسعى الزوجة الأولى لتهيئة الجو المناسب لزوجها ومعالجة القصور الذي فيها بحيث يكون اليوم الذي يأتي إليها فيه الزوج كشهر عسل.
رخصة التعدد
من جانب آخر نفت المستشارة الأسرية والاجتماعية الدكتورة سلمى سيبيه أن يكون تعدد الزوجات وسيلة للحد من الخلافات الزوجية، مبيّنة أن الكثير من المعددين يضطرون إلى طلاق إحدى زوجاتهم لعجزهم عن العدل نفسياً وجسدياً واجتماعياً.

وقالت سيبيه لـ "سبق": في حالات نادرة أحث بعض عميلاتي على تزويج زوجها، وحددت هذه الحالات كالزوج كثير النقد، أو الزوج ذي الشهوة الجسمانية المتطرفة لدرجة إلحاق الضرر بالزوجة، لافتة إلى تأثر الزوجة عاطفياً وجنسياً بالزواج الثاني، مما يؤدي إلى تدمر العلاقات العاطفية مع زوجها..
واستعرضت المستشارة الأسرية حالة زوجة شجعت زوجها على التعدد رغبةً في تخفيف العبء عنها، بيد أن معاناتها تضاعفت بوجود امرأة أخرى تزعجها، وندمت بشدة على تزويج زوجها وبالتالي أضحى عطاؤها سيئاً جداً لانهيارها نفسياً، ورأت من خلال خبرتها في الإرشاد الأسري تناقض هذه الفكرة مع الواقع الاجتماعي.

ورأت في التعدد حلاً لمشكلة العنوسة في المجتمع، وتمنت عبر "سبق" ألا يتم السماح بالتعدد لأي رجل إلا برخصة وتقارير تثبت قدرته على القيام بأعباء الحياة الزوجية، والقدرة على الإنفاق على بيت آخر، موضحة أنه إذا ثبت قدرة الزوج يسمح له بالزواج، ويصبح تعداد الزوجات في حقه عملاً مستحباً لقول الله تعالى "وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً".، بيد أنه إذا أخفق في قدرته النفسية والجسدية فيمنع من الزواج بأخرى، لافتة إلى سلبيات هذا الزواج من تفريط الزوج في حقوق إحدى الزوجين وما ينجم عنه من تفريط في تربية الأطفال.

جحيم الرجل
وبنظرة ساخرة قال الكاتب محمد السحيمي: إن الزواج "جحيم للرجل" والزوجة التي تشجع زوجها على الزواج مرة ثانية تعد حاقدة عليه فهي تريد إلقاءه في هاوية جهنم مرات عديدة، وحذر الرجل من الانسياق وراء هذه المطالب المزعومة لزوجته والداعية لتلبية احتياجات الزوج بالزواج مرة أخرى، لافتاً إلى أن الهدف الأساسي للزوجة هو لهو زوجها بالبحث عن المتعة مع زوجاته وتمزيقه نفسياً وجسدياً ومادياً.

واستبعد السحيمي أن تكون هذه الزوجة محبة لزوجها، مؤكداً أنه إذا أحبت الزوجة زوجها لن ترضى بزواجه مرة ثانية، واعتبر أن هذه المرأة التي تطالب زوجها بالتعدد تسخر منه وتحقّر من شأنه من خلال رؤيتها المتوارثة عبر التقاليد العقيمة والتي ترسخ في أذهانهن أن قلب الرجل "كالشقة المفروشة" يستوعب أكثر من علاقة عاطفية واصفاً هذا بالابتذال النفسي للرجل.
واعتبر الكاتب اقتراح الزوجة دليلاً على الاستهتار بالحياة الزوجية، واستنكر أنواع الزواجات العابرة كالمسيار والمسفار والتي تتنافى مع الهدف الأسمى من الزواج والذي أخبرنا به القرآن الكريم حيث قال"ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة"، مشدداً على أن الزواج قوامه الإحساس بالمسؤولية.

وحول وجهة نظره الخاصة قال: أرى أن التعدد ولو أنه شرعي، بيد أن البعض يستثمره لتحقيق أهواء شخصية بإضفاء الغطاء الشرعي لبعض الزيجات العابرة والتي وصفها القرآن بالسفاح واتخاذ الأخدان، وجزم بتحريم هذه الزيجات بالنص القرآني، مرجعاً انتشارها لإباحة الكثيرين لها.

وختاماً توقّع الكاتب حدوث بعض ألاعيب الزوجات نتيجة للتعدد، حتى في حالة رضا الزوجة الأولى، مؤكداً أنه إذا اختارت الزوجة الأولى زوجة أخرى لزوجها فإنها تختارها أسوأ منها حتى تُكمل "رحلة تعذيبه" التي بدأتها.