تأثير التربية

[مرهفة الإحساس]

يحكى أنه في يوم من الأيام، أراد عالم نفس أمريكي إجراء تجربة لمعرفة مدى تأثير التربية على سلوك البشر. فقام بإحضار قرد من نوع الشامبانزي. وقام بإقناع كل أفراد عائلته أن يعاملوه كإنسان وليس كقرد. وهكذا كان. فبدأ القرد يرتدي ملابس كملابس البشر، ويأكل معهم على المائدة، ويستخدم نفس أدواتهم. وهكذا.

وبعد فترة من الزمن جاء وقت التجربة، فأعطى العالم للقرد العديد من الصور بينها صور لبشر وصور لحيوانات وصور لأشياء أخرى. وبين كل تلك الصور صور القرد نفسه. وطلب من القرد أن يفصل صور البشر عن صور أي شئ آخر. فكانت المفاجأة حين قام القرد بوضع صوره مع صور البشر في ناحية، وصور بقية الحيوانات والأشياء الأخرى في ناحية. وحينها أدرك العالم أن تربية القرد كإنسان جعلته يقتنع إنه بالفعل إنسان.

وهكذا أرى في مجتمعنا، أن تربية المرأة على إنها أقل من الرجل عقلاً وقدراً يجعلها تقتنع بهذا. وتربية الرجل على أنه مسموح له بكل شئ وأن المرأة مجرد جسد وهي أساس كل الشرور. تجعله يقتنع أيضاً بهذا. عندما تكون الثقافة العامة في مدارس البنين الإعدادية والثانوية هي ثقافة الهوس الجنسي والمعاكسة والتحرش، يخرج جيلاً بأكمله مقتنعاً بأن طبيعة الرجل هي المعاكسة والتحرش. عندما يكون كل اللوم على ملابس الفتاة ولا يلقى باللوم على التربية. يجعل جيلاً بأكمله مقتنعاً أن الفتاة خلقت ليتم التحرش بها وخلقت لإثارة الرجل. فأصبح الرجل مقتنعاً أنه حيوان (مع إعتذاري) لا يستطيع كبح نفسه. والأدهى من كل ذلك أن تربية الفتاة على نفس الفكرة جعلتها تقتنع بأنها مجرد جسد خلق ليثير الرجل وجعلها تخضع لإرادة الله (كما أفهموها) الذي خلقها قليلة القدر والشأن صنعت لإسعاد الذكر وفقط وليس من حقها حياة كريمة مثله.