ّ.. صوم الأطفآل ..ّ

[قلب الاميري]

صوم الأطفال





غالباً ما تُسلط الأضواء على مسألة صوم الأطفال في شهر رمضان المبارك، لا سيما مع إصرار هؤلاء على الصوم، ورغبة الأهل في تجنيبهم المخاطر. استضافنا د. برنارد جرباقة، مدير قسم العناية المركزة في مستشفى «أوتيل ديو» في بيروت وحوار حول صوم الأطفال.


ابتداءً من أي عمر يمكن للأولاد أن يصوموا؟

يمكن للأولاد أن يباشروا الصوم عندما يقوى جسمهم على تحمّل مراحله، أي عندما يستطيع الجسم تخزين الأطعمة في الأماكن الملائمة حيث تتجمع الوحدات الحرارية بكمية كافية تسمح لهم بتحمّل يوم طويل من الصوم، كذلك عندما يقوى الجسم على تخزين كمية مناسبة من الماء لتقيهم العطش.

عادة، يواجه الصائمون صعوبات خلال رمضان تظهر بصورة أوضح عند الأطفال الذين يتأثرون بطريقة مباشرة، هنا يبرز دور الأهل في مراقبة صوم أطفالهم، وإدراك حقيقة أن الولد لا يمكنه الصوم إلا اذا بلغ جسمه مرحلة النضوج التي تسمح له بالتعبير عن المشاكل التي يمكن أن تعترضه أثناء الصوم والإفطار، اذا كانت الاضطرابات التي يعانيها خطيرة.

تجيز مرحلة البلوغ التي يصل اليها الأولاد في سن الـ12 عموماً لهم الصوم لأنهم يقدرون جسدياً ومعنوياً على تحمّل الانقطاع عن الماء والطعام فترة طويلة.

ما هو دور الأهل في صوم أولادهم وهل عليهم أن يعوّدوهم عليه على مراحل؟

الصوم اختياري عند الأولاد ودور الأهل أساسي في هذا الشهر الفضيل، عليهم أن يعوّدوا أولادهم عليه تدريجاً، فيصومون

الأسبوع الأول من الشهر أو يصومون نصف النهار، بذلك، يعتادون على تحمّل مصاعب الصوم لأن الانقطاع الفجائي عن الأكل والشرب قاس جداً عليهم.

ما هي الحالات التي يُفضّل فيها ألا يصوم الطفل؟

يعتبر انخفاض مستوى السكر في الدم من أبرز المشاكل التي تعترض الصائم، لا سيما الأولاد المصابين بداء السكري والذين يعتمدون على الانسولين للحفاظ على مستوى السكر في دمهم، في هذه الحال يشكل الصوم خطراً عليهم. كذلك قد تشكل حاجة الجسم الى الماء عائقاً أمام الأولاد المصابين بأمراض الكلى او القلب أو الرئة، من الأفضل أن يتجنبوا الصوم.

أنصح بعدم صوم الأولاد الذين يعانون مرضاً حاداً كالحرارة المرتفعة أو التقيؤ الى حين استعادة صحتهم. أما بالنسبة الى الأولاد الذين يتناولون الأدوية كالحديد ولا يعانون فقر دم حادًّا، يمكنهم الاستغناء عن تلك الأدوية في شهر الصوم.


ما هي المشاكل الأكثر شيوعاً في رمضان وما الحلول لتفاديها؟

يعاني الصائمون الصغار والكبار على حد سواء مشاكل عدة خلال رمضان المبارك منها:

• الإمساك: تكثر حالاته بسبب شرب كمية قليلة من الماء وعدم تناول ما يكفي من الألياف. يكمن الحل في زيادة شرب الماء وتناول الأطعمة التي تعتمد على النخالة والطحين الأسمر.

• عسر الهضم: يسبب الإفراط في الأكل وتناول الأطعمة المقلية والدهنية عسر الهضم، لذلك لا تفرطوا في تناول الطعام واشربوا الماء وعصير الفاكهة.

• انخفاض ضغط الدم: يشكل التعرّق المفرط، الضعف، التعب، الافتقار إلى الطاقة، الدوار، اصفرار الوجه، الإحساس بالإغماء، عوارض تنذر بانخفاض ضغط الدم، غالباً ما يشعر المريض بها خلال فترة بعد الظهر، يعود سببها الى استهلاك كميات قليلة من السوائل والملح. لذلك لا ترهقوا أنفسكم ولا تتعرضوا لأشعة الشمس واكثروا من شرب السوائل، ومن الأفضل أن تستشيروا طبيبكم اذا شعرتم بتلك العوارض.

• الصداع: قلة الراحة والنوم والجوع والانقطاع عن شرب الـ nescafé صباحاً عند الصغار والكبار، كلها أسباب من شأنها أن تسبب الصداع. اذا أٌرفق ذلك بانخفاض ضغط الدم، يصبح الصداع حاداً ويمكن أن يؤدي إلى الغثيان قبل الإفطار.

تجنبوا الصداع عبر التخفيف من استهلاك الكافيين قبل أسبوع أو اثنين من شهر رمضان واستعيضوا عنه بنقوع الأعشاب والشاي ونالوا قسطاً وافياً من النوم.

• القرحة الهضميّة والحرقة والتهاب المعدة: تسببها الأطعمة الكثيرة التوابل والمشروبات الغازية، لذلك يجب الابتعاد عنها.

• الحصى في الكلى: قلما يعاني منها الأولاد، لكن قد يواجهون تلك المشكلة التي تظهر عند الأشخاص الذين لا يشربون السوائل، لذلك يجب استهلاك كميات كبيرة من السوائل للحؤول دون تكوّن الحصى.


ماذا عن أسنان الأطفال؟

هي حساسة جداً وعرضة للتسوّس أكثر من أسنان الكبار، لذلك ينبغي على الأولاد حمايتها وتنظيفها جيداً بعد وجبتي السحور والإفطار.


هل يؤثر الصوم في نفسيّة الأطفال؟

عاينت أطفالاً صائمين أثناء شهر رمضان ولمست نوعاً من الهدوء والصفاء، لأن جوّ رمضان والإلفة التي يتّسم بها واجتماع العائلة حول مائدة الإفطار، كلها عوامل تُشعرهم بالهدوء والاندماج مع أفراد عائلتهم، بالإضافة إلى أن قدرتهم على الصوم تكسبهم الثقة بالنفس وينعكس تقدير المحيطين بهم إيجاباً على صحتهم ونفسيتهم.


هل للصوم فوائد عند الأطفال؟

اذا راقب الأهل صوم أولادهم وعرّفوهم الى الأطعمة الواجب تناولها أو تفاديها خلال تلك الفترة، يمكن أن يشكل الصوم بالنسبة إليهم فرصة ذهبية تُبعد عنهم مشاكل السمنة التي تعاني منها نسبة عالية من الأولاد ومشاكل ضغط الدم والتدخين، إذ نشهد راهناً حالات من التدخين عند

الأطفال وهي ظاهرة لا بد من التنبّه إليها.

كذلك، السهر طوال الليل والأكل بطريقة عشوائية والإفراط في تناول ما «هب ودب» من الأطعمة والنوم طوال النهار، كلها عوامل تتعارض كلياً ومبدأ الصوم، بذلك نكون استبدلنا الليل بالنهار وابتعدنا كلياً عن عادات الصوم وفوائده.

ما هو النظام الغذائي السليم بالنسبة الى الأطفال؟

خلال شهر رمضان، لا ينبغي أن يختلف نظامنا الغذائي بشكل كبير عن العادات الغذائية التي نعتمدها في الأيام العادية، من الأفضل أن يكون أسهل ما يمكن، ليساعدنا في الحفاظ على وزننا الطبيعي، وفي حال كان المرء يعاني من البدانة يعتبر شهر رمضان الوقت الأمثل ليستعيد وزنه الطبيعي أو يخفف من بدانته.

بالنسبة الى الأولاد عليهم أن يتناولوا أطعمة يتطلب هضمها وقتاً طويلاً، من بينها مثلا الأطعمة التي تحتوي على الألياف، عوضاً عن الأطعمة السريعة الهضم. تدوم الأغذية البطيئة الهضم ثماني

ساعات في حين أن تلك السريعة الهضم لا تدوم إلا ثلاث أو أربع ساعات.

ما هي الأطعمة البطيئة الهضم؟

إنها أطعمة تحتوي على الحبوب والبذور مثل الشعير والقمح والشوفان والفاصولياء والعدس وطحين القمحة الكاملة والرز غير المقشور وغيرها، وتدعى النشويات المركبة.

أما الأطعمة السريعة الهضم فهي تلك التي تحتوي على السكر والطحين الأبيض وغيرها، وهي تسمى الكاربوهيدرات المكررة.


ماذا عن السوائل؟

يجب الإكثار من شرب السوائل، لا سيما المياه وعصائر الفاكهة، بين الإفطار وموعد الخلود إلى النوم ليتمكن الجسم من تكييف مستوى السوائل الموجودة فيه.


نصائح د. جرباقة للصائمين الصغار والكبار:

- تجنّبوا الأطعمة المقلية والدسمة.

- تجنّبوا الأطعمة التي تحتوي على كمية كبيرة من السكر او ما يعرف بالسكر السريع.

- لا تكثروا من تناول الطعام خلال وجبة السحور.

- لا تكثروا من شرب الشاي خلال وجبة السحور، لأنه يحث على اخراج البول فتخرج معه أملاح معدنية قد يحتاج إليها الجسم خلال اليوم.

- خففوا التدخين تدريجاً قبل بضعة أسابيع من بداية شهر رمضان.

- تناولوا الكاربوهيدرات المركبة بكثرة خلال وجبة السحور لأنها تخفف من الجوع.

- تناولوا البلح والفواكه المجففة لأنها مصدر ممتاز للسكر والألياف والكاربوهيدرات والبوتاسيوم والمغنيسيوم.

- اللوز غني بالبروتينات والألياف ويحتوي على كمية أقل من الزيوت.

- الموز مصدر جيد للبوتاسيوم والمغنيسيوم والكاربوهيدرات.