ذو القرنين

[التائبة لله(ام محمد باذن الله)]

:ﻣﻮﻗﻊ اﻟﻘﺼﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ
.98-83 ورد ذﻛﺮ اﻟﻘﺼﺔ ﻓﻲ ﺳﻮرة اﻟﻜﻬﻒ اﻵﯾﺎت

ﻻ ﻧﻌﻠﻢ ﻗﻄﻌﺎ ﻣﻦ ﻫﻮ ذو اﻟﻘﺮﻧﯿﻦ. ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﺨﺒﺮﻧﺎ اﻟﻘﺮآن ﻋﻨﻪ أﻧﻪ ﻣﻠﻚ ﺻﺎﻟﺢ، آﻣﻦ ﺑﺎﻟﻠﻪ .وﺑﺎﻟﺒﻌﺚ وﺑﺎﻟﺤﺴﺎب، ﻓﻤﻜّﻦ اﻟﻠﻪ ﻟﻪ ﻓﻲ اﻷرض، وﻗﻮّى ﻣﻠﻜﻪ، وﯾﺴﺮ ﻟﻪ ﻓﺘﻮﺣﺎﺗﻪ
ﺑﺪأ ذو اﻟﻘﺮﻧﯿﻦ اﻟﺘﺠﻮال ﺑﺠﯿﺸﻪ ﻓﻲ اﻷرض، داﻋﯿﺎ إﻟﻰ اﻟﻠﻪ. ﻓﺎﺗﺠﻪ ﻏﺮﺑﺎ، ﺣﺘﻰ وﺻﻞ ﻟﻠﻤﻜﺎن اﻟﺬي ﺗﺒﺪو ﻓﯿﻪ اﻟﺸﻤﺲ ﻛﺄﻧﻬﺎ ﺗﻐﯿﺐ ﻣﻦ وراءﻩ. ورﺑﻤﺎ ﯾﻜﻮن ﻫﺬا اﻟﻤﻜﺎن ﻫﻮ ﺷﺎﻃﺊ اﻟﻤﺤﯿﻂ اﻷﻃﻠﺴﻲ، ﺣﯿﺚ ﻛﺎن ﯾﻈﻦ اﻟﻨﺎس أﻻ ﯾﺎﺑﺴﺔ وراءﻩ. ﻓﺄﻟﻬﻤﻪ اﻟﻠﻪ – أو أوﺣﻰ إﻟﯿﻪ- أﻧﻪ ﻣﺎﻟﻚ أﻣﺮ اﻟﻘﻮم اﻟﺬﯾﻦ ﯾﺴﻜﻨﻮن ﻫﺬﻩ اﻟﺪﯾﺎر، ﻓﺈﻣﺎ أن ﯾﻌﺬﻫﻢ أو أن .ﯾﺤﺴﻦ إﻟﯿﻬﻢ
ﻓﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻤﻠﻚ اﻟﺼﺎﻟﺢ، إﻻ أن وﺿّﺢ ﻣﻨﻬﺠﻪ ﻓﻲ اﻟﺤﻜﻢ. ﻓﺄﻋﻠﻦ أﻧﻪ ﺳﯿﻌﺎﻗﺐ ،اﻟﻤﻌﺘﺪﯾﻦ اﻟﻈﺎﻟﻤﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﯿﺎ، ﺛﻢ ﺣﺴﺎﺑﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﯾﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ. أﻣﺎ ﻣﻦ آﻣﻦ .ﻓﺴﯿﻜﺮﻣﻪ وﯾﺤﺴﻦ إﻟﯿﻪ
ﺑﻌﺪ أن اﻧﺘﻬﻰ ذو اﻟﻘﺮﻧﯿﻦ ﻣﻦ أﻣﺮ اﻟﻐﺮب، ﺗﻮﺟﻪ ﻟﻠﺸﺮق. ﻓﻮﺻﻞ ﻷول ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺗﻄﻠﻊ ﻋﻠﯿﻬﺎ اﻟﺸﻤﺲ. وﻛﺎﻧﺖ أرﺿﺎ ﻣﻜﺸﻮﻓﺔ ﻻ أﺷﺠﺎر ﻓﯿﻬﺎ وﻻ ﻣﺮﺗﻔﺎت ﺗﺤﺠﺐ اﻟﺸﻤﺲ ﻋﻦ .أﻫﻠﻬﺎ. ﻓﺤﻜﻢ ذو اﻟﻘﺮﻧﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﺸﺮق ﺑﻨﻔﺲ ﺣﻜﻤﻪ ﻓﻲ اﻟﻤﻐﺮب، ﺛﻢ اﻧﻄﻠﻖ
وﺻﻞ ذو اﻟﻘﺮﻧﯿﻦ ﻓﻲ رﺣﻠﺘﻪ، ﻟﻘﻮم ﯾﻌﯿﺸﻮن ﺑﯿﻦ ﺟﺒﻠﯿﻦ أو ﺳﺪّﯾﻦ ﺑﯿﻨﻬﻤﺎ ﻓﺠﻮة. وﻛﺎﻧﻮا ﯾﺘﺤﺪﺛﻮن ﺑﻠﻐﺘﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﯾﺼﻌﺐ ﻓﻬﻤﻬﺎ. وﻋﻨﺪﻣﺎ وﺟﺪوﻩ ﻣﻠﻜﺎ ﻗﻮﯾﺎ ﻃﻠﺒﻮا ﻣﻨﻪ أن ﯾﺴﺎﻋﺪﻫﻢ ﻓﻲ ﺻﺪ ﯾﺄﺟﻮج وﻣﺄﺟﻮج ﺑﺄن ﯾﺒﻨﻲ ﻟﻬﻢ ﺳﺪا ﻟﻬﺬﻩ اﻟﻔﺠﻮة، ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺧﺮاج ﻣﻦ .اﻟﻤﺎل ﯾﺪﻓﻌﻮﻧﻪ ﻟﻪ
ﻓﻮاﻓﻖ اﻟﻤﻠﻚ اﻟﺼﺎﻟﺢ ﻋﻠﻰ ﺑﻨﺎء اﻟﺴﺪ، ﻟﻜﻨﻪ زﻫﺪ ﻓﻲ ﻣﺎﻟﻬﻢ، واﻛﺘﻔﻰ ﺑﻄﻠﺐ .ﻣﺴﺎﻋﺪﺗﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺑﻨﺎء اﻟﺴﺪ وردم اﻟﻔﺠﻮة ﺑﯿﻦ اﻟﺠﺒﻠﯿﻦ
اﺳﺘﺨﺪم ذو اﻟﻘﺮﻧﯿﻦ وﺳﯿﻠﺔ ﻫﻨﺪﺳﯿﺔ ﻣﻤﯿﺰة ﻟﺒﻨﺎء اﻟﺴّﺪ. ﻓﻘﺎم أوﻻ ﺑﺠﻤﻊ ﻗﻄﻊ اﻟﺤﺪﯾﺪ ووﺿﻌﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺤﺔ ﺣﺘﻰ ﺗﺴﺎوى اﻟﺮﻛﺎم ﻣﻊ ﻗﻤﺘﻲ اﻟﺠﺒﻠﯿﻦ. ﺛﻢ أوﻗﺪ اﻟﻨﺎر ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺪﯾﺪ، وﺳﻜﺐ ﻋﻠﯿﻪ ﻧﺤﺎﺳﺎ ﻣﺬاﺑﺎ ﻟﯿﻠﺘﺤﻢ وﺗﺸﺘﺪ ﺻﻼﺑﺘﻪ. ﻓﺴﺪّت اﻟﻔﺠﻮة، واﻧﻘﻄﻊ اﻟﻄﺮﯾﻖ ﻋﻠﻰ ﯾﺄﺟﻮج وﻣﺄﺟﻮج، ﻓﻠﻢ ﯾﺘﻤﻜﻨﻮا ﻣﻦ ﻫﺪم اﻟﺴّﺪ وﻻ ﺗﺴﻮّرﻩ. وأﻣﻦ اﻟﻘﻮم .اﻟﻀﻌﻔﺎء ﻣﻦ ﺷﺮّﻫﻢ
،ﺑﻌﺪ أن اﻧﺘﻬﻰ ذو اﻟﻘﺮﻧﯿﻦ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺠﺒﺎر، ﻧﻈﺮ ﻟﻠﺴّﺪ، وﺣﻤﺪ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﻌﻤﺘﻪ وردّ اﻟﻔﻀﻞ واﻟﺘﻮﻓﯿﻖ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﻤﻞ ﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻓﻠﻢ ﺗﺄﺧﺬﻩ اﻟﻌﺰة، وﻟﻢ .ﯾﺴﻜﻦ اﻟﻐﺮور ﻗﻠﺒﻪ
.ﯾﻘﻮل ﺳﯿّﺪ ﻗﻄﺐ رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ: "وﺑﺬﻟﻚ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﻫﺬﻩ اﻟﺤﻠﻘﺔ ﻣﻦ ﺳﯿﺮة ذي اﻟﻘﺮﻧﯿﻦ اﻟﻨﻤﻮذج اﻟﻄﯿﺐ ﻟﻠﺤﺎﻛﻢ اﻟﺼﺎﻟﺢ. ﯾﻤﻜﻨﻪ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ اﻷرض, وﯾﯿﺴﺮ ﻟﻪ اﻷﺳﺒﺎب; ﻓﯿﺠﺘﺎح اﻷرض ﺷﺮﻗﺎ وﻏﺮﺑﺎ; وﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﯾﺘﺠﺒﺮ وﻻ ﯾﺘﻜﺒﺮ, وﻻ ﯾﻄﻐﻰ وﻻ ﯾﺘﺒﻄﺮ, وﻻ ﯾﺘﺨﺬ ﻣﻦ اﻟﻔﺘﻮح وﺳﯿﻠﺔ ﻟﻠﻐﻨﻢ اﻟﻤﺎدي، واﺳﺘﻐﻼل اﻷﻓﺮاد واﻟﺠﻤﺎﻋﺎت واﻷوﻃﺎن, وﻻ ﯾﻌﺎﻣﻞ اﻟﺒﻼد اﻟﻤﻔﺘﻮﺣﺔ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ اﻟﺮﻗﯿﻖ; وﻻ ﯾﺴﺨﺮ أﻫﻠﻬﺎ ﻓﻲ أﻏﺮاﺿﻪ وأﻃﻤﺎﻋﻪ.. إﻧﻤﺎ ﯾﻨﺸﺮ اﻟﻌﺪل ;ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن ﯾﺤﻞ ﺑﻪ, وﯾﺴﺎﻋﺪ اﻟﻤﺘﺨﻠﻔﯿﻦ, وﯾﺪرأ ﻋﻨﻬﻢ اﻟﻌﺪوان دون ﻣﻘﺎﺑﻞ وﯾﺴﺘﺨﺪم اﻟﻘﻮة اﻟﺘﻲ ﯾﺴﺮﻫﺎ اﻟﻠﻪ ﻟﻪ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﻤﯿﺮ واﻹﺻﻼح, ودﻓﻊ اﻟﻌﺪوان وإﺣﻘﺎق اﻟﺤﻖ. ﺛﻢ ﯾﺮﺟﻊ ﻛﻞ ﺧﯿﺮ ﯾﺤﻘﻘﻪ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﯾﺪﯾﻪ إﻟﻰ رﺣﻤﺔ اﻟﻠﻪ وﻓﻀﻞ اﻟﻠﻪ, وﻻ ﯾﻨﺴﻰ .