البنون زينة الحياة الدنيا،
ولا تكتمل بهجة الحياة وجمالها من غير الأولاد،
فهم منبع السعادة وهم الأمل الذي يعيش الإنسان من أجله،
والمثل الشعبي المتداول على ألسنة الناس جميعا في سوريا
(لا يحب المرء أن يكون أحدا أحسن منه إلا أولاده)،
لذلك فإن الاهتمام بالأولاد والولادة كان ولايزال الشغل الشاغل بالنسبة للوالد وللوالدة، وبالأخص الولادة الأولى.
ويقال للمرأة الحامل:
"حبلي والصلاة عالنبي/ حبلي إن شاء الله بصبي/
يوم طهوره شمعة بطوله/ ويوم عرسو مُولِدْ لوجه النبي"».
وتقوم المرأة الحامل بتجهيز ما يحتاجه الطفل
وتسمى عندنا في سوريا
بـ"ديارة الطفل"
وهي تعني ملابسه وحاجياته من
"القميص الداخلي- الزنار- القنباز- الفتح- القنداق- الدقونة- اَلِحْرَامْ"
.
«يبدأ التمييز بين الذكر والأنثى من خلال انتقاء "الملابس"
فاللون "الزهري" ينتقى للأنثى،
أما الذكر فيُنتقى له اللون "الأبيض" و"الأزرق"،
وإن لم يكن يعني هذا الأمر شيئاً،
إنما فيه تفريق واضح ومقصود من الناس في تلك الفترة. بالإضافة إلى أن الرجل الذي كان يملك عدداً أكبر من الذكور، كان يتباهى ويفتخر على الناس الآخرين من أبناء قريته أو مدينته،
والرجل الذي لا يملك إلا البنات يبقى عابس الوجه يلقي اللوم على زوجته وكأنها هي السبب».
عندما يولد الجنين وفي ساعاته الأولى تقوم جدة المولود بمساعدة القابلة التي تعرف العادات والتقاليد بحكم الخبرة الطويلة في الولادات وما بعدها،
حيث تبقى هذه السيدة في بيت الولّادة عدة أيام حتى تتعافى وتصبح قادرة على القيام بواجباتها اتجاه الجنين)
،
وفي اليوم الثاني يوضع القليل من الملح في لترين من الماء الدافئ تقريباً، ( والبعض يستخدم جوزة الطيب والقرنفل والمحلب) ،و حيث يتم تمليح الجنين لمدة سبعة أيام كاملة، ومن ثم يتم غسله كل يوم بعد أربع ساعات من التمليح،
وسبب عادات التمليح فأنه
قوي لقتل الجراثيم التي انتشرت في جسم الجنين عند الولادة،
ومنع الروائح الكريهة من التسرب في مسام الجلد، ومن خلال القرنفل والمحلب وجوزة الطيب لإكسابه رائحة عطرة مدى الحياة تقيه رائحة العرق تحت الإبط، ورائحة القدمين المزعجة في فصل الصيف الحارق، وحتى لو امتنعت الأمهات في هذه الأيام عن هذه العادات في غسيل الجنين فإن الكثير منهن ما زلن يستخدمنها لأنها نافعة على المدى البعيد، فكثير من الأشخاص تبرز رائحة عرقه بشكل لافت بسبب عدم تمليحه في الولادة».
ومع نهاية كل حمام تقوم النساء بتكحيل عيني الصغير بواسطة المكحلة الخشبية، ووضع كمية من الكحل على سرة الجنين،
ويمكن أن يقمن بتزييته بزيت الزيتون الأصلي ولفه (ببقجة) كبيرة
، وربطه جيدا بحيث تكون قدماه ويداه داخل هذا الرباط.
.
كثيرة هي العادات التي ترافق الطفل بعد الولادة فوراً،
ومنها ما تقوم به الجدات (والدة الأم ووالدة الاب ) وبعد ساعات قصيرة من الولادة بالتعاون مع قابلة القرية بغسل الجنين بعدد من المواد شديدة الفاعلية على جلده الناعم الطري، بهدف تنظيفه من مخلفات الولادة، وتطييب رائحته حتى آخر العمر كما كان يعتقد.
«
وأيضا بعض العادات في يوم الولادة تدعى قريبات المرأة ليقفن إلى جانبها في مثل هذا اليوم والذي يعتبرنه يوماً حاسماً في حياة المرأة، «تقوم النسوة الحاضرات بخدمة الطفل فور الولادة، وتلبيسه والقيام بـ"تحنيكه" أي إطعامه بالإصبع من "التمر" الممضوغ بالفم، أو من ماء السكر الممزوج مع ماء الورد، قبل رضاعته من أمه، كما تقوم هؤلاء النسوة بتنقيط "الداية العربية" قديماً- "القابلة القانونية"في أيامنا هذه- بالمال أي إعطائها النقود،
وتُوضع مائدة الطعام والتي تسمى "سفرة الخلاص" وتكون عامرة بالمأكولات والحلويات».
التهنئة بقدوم المولود تبدأ في اليوم السابع للولادة،
وتعرف عادة باسم "السبوع" «في هذا اليوم تحضر النسوة من أقرباء الزوج والزوجة والأصدقاء والجيران ويتم خلالها
الغناء والطرب وتقديم الهدايا للمولود وإطلاق الأهازيج، وتبدأ هذه الأهازيج فور انتهاء المرأة من الوضع والولادة أولاً من قبل والدتها،
وذلك تعبيراً عن زوال خوفهم على ابنتهم الحامل بقولها:
"الحمد الله يا الله/ زال الهمّ إن شاء الله/ وموسى ناجا ربه/ وجانا الفرج من عند الله"».
ثم يبادر أهل الزوج بالتهنئة للـ"الكنة" حمداً على سلامتها بقولهم: «"شعرك المدلّى/ وخدودك المرايا/ والحمد الله يا ربي/ ما خليت من بين الصبايا
بعد ذلك تتقدم إحدى الحاضرات لتطلق "الهنهونة" التالية: «"يا رز أصفر/ وعلى البلاط بيتكسر/ والحمد الله يا ربي اللي بيتكم ما تْسَكّرْ وبعض المقولات من زائرات الولادة «"مبارك ما جاكي/ والحمد الله على السلامة/ ولا فرحتلك بالبنت ولا بالصبي/ إلا بقيامك بالسلامة
: «"جابت وقامت/ وعلى فراش الهنا نامت/ والحمد الله يا ربي/ اللي ماشمت فينا شامت"».
ومقولة ثالثة تقول:
«"إلك الحمد
يا حامد/ وما شمت فينا شامت/ ونفسينا قامت بالسلامة/ وعلى فراش الهنا نامت
: مبارك ما اجاكن/ يحرسه الرب ويربى بدلالكن/ انشاء الله على وجهه تعمر دياركن/ وببيوتكن دوم ما تنقطع افراحكن".
ولأم الطفل نصيب من هذه التهنئة فنسمع المرأة المهنئة تقول لها: "الأراصية الأراصية والإنجاص/ عَبّيناها بالقفص والقفاص/ مافرحنا عالبنت ولا عَالصبي/ غير على قيامك والخلاص"».
وربما تكون خلاصة هذه الأهازيج توجيه محاسن الكلام لزرع الطمأنينة في نفس أهل الطفل،
وبأنه جاء بالصورة الكاملة التي يتمنونها،
لذا يمكن أن نسمع هذه الأهزوجة التي تقول:
«"متلك متلك ما جابو/ لو انحنو ولو شابو/ ولو برطلو* الدايات بمال عنتابو
«هذا ما كان يغنى بطريقة الأهزوجة للمرأة والحمد لقيامها بالسلامة، كما البعض يعتبرون مجيء الطفل هو مانع لكل شامت، ولكن ماذا يقال في حق الطفل، هذا الذي بسبب وجوده اجتمعت النسوة
، غنّت، رقصت، أكلت، وباركت، فنسمع إحداهن تقول:
"إجى الغزال غزال يربى بدلاله/ وعلى وجهه تنتشي أمواله/ يمجد الخالق ويرشد الناس بأقواله/ ويصير للعيلة شرف وجاه بأفعاله"
. وتنشد غناءً امرأة ثانية ترحب بمجيء هذا الطفل إلى عالمهم، فتقول:
"اليوم الشمس طلعت ونورت حواليها/ تمها عسل وعيونها لآليها/ البنت في البيت طابة من ذهب/ زلغطو لها يا حبايب وافرحوا يا أهاليها"
ومن أروع العادات والتقاليد في سوريا يقدم للمهنئين ما يسمى مشروب "الكراوية" الساخن، ومشروب القرفة والجوز
وهو تقليد شامي يجري عند أهل "سوريا" لمناسبة الولادة منذ أكثر من /150/عاماً وما يزال حتى الآن، ويقدم حصرياً في هذه المناسبة فقط».
وفي بلدنا "الغالي" الفرحة بقدوم المولود الجديد لا تعادلها فرحة وهي واحدة في كل أرجاء "سورية" ، لكن التعبير عنها يختلف من منطقة إلى أخرى حسبما جرت العادات والتقاليد».
وفي سوريا يقيم البعض ما يسمى "المولد" بقصد المباركة والفرحة بالمولود الجديد، ويتم حضور الاقارب والحبايب والمهنئين ويتم يومها الطهور بمعنى(ختان) المولود الذكر) وتذبح العقيقة في سابع يوم للولادة
لوجه الله لقدوم المولود وقيام الام الخلاص والسلامة
وتقدم للمعازيم
وتختلف العادات من محافظة إلى أخرى
أتمنى مشاركتي تعجبكم
|