[قلب عايض]

تأملت في أحاديثنا ونقاشاتنا ومدارساتنا وأعمالنا .. فوجدت أنها دائرة - غالبا - بين السؤال والجواب ؛ بين الاستفسار والبيان ، بين الإشكال والكشف ، بين التعتيم والتجلية ..

وهذه الأسئلة والإشكالات والاستفسارات .. أمر طبعي لاينفك عن بني البشر .. قكلهم محتاجون إلى السؤال .. وينتظرون الجواب من غيرهم ممن يملك العلم فيه ، ومن لايسأل .. لايتعلم ، وقد روي عن مجاهد رحمه الله أنه قال : ( لاينال العلم مستح ولامسكبر ) .

ولو تأملتَ .. لوجدتَ أن :
- المستفتي .. يسأل المفتي عن ما أشكل عليه ؟.
- والطبيب .. يسأل مريضه عن ما يشتكي ؟.
- والمعلم .. يسأل طلابه عن مادته ، ثم يسألهم في اختباراته ؟.
- والطالب .. يسأل معلمه عن ما لم يفهمه ؟.
- والمحقق .. يسأل المتهم عن ملابسات ما تم اتهامه فيه ؟.
- وشرطي المرور .. يسأل عن الحادث وكيف حدث ومن أطرافه وشهوده .
- والخاطب .. يسأل عن مخطوبته وكيف هي ؟، وأهلها كذلك يسألون عنه وعن أخلاقه ؟.
- والمناقشات لنيل درجة الماجستير والدكتوراه .. أسئلة .
- والمناظرات العلمية .. أسئلة .
- والمقابلات الشخصية .. أسئلة .
- والاستبيانات العلمية .. أسئلة .
- أسئلة بعضنا لبعض ( كيف حالك ؟ ، وما أخبارك ؟، كيف أنت ؟.. ) .
- في بيوتنا : هل صلى فلان ؟، هل ذهب إلى المدرسة ؟، هل استيقظ من نومه ؟ ، هل انتهى الغداء ؟ ، هل ذاكر الأولاد ؟، كيف نتائج الأولاد ؟.. ونحوها .

فبدا لصاحبكم قاعدة يسيرة .. أحسب أنها تفيد في هذا الباب ، وأسميتها :



قاعدة : ( لازم تسأل ) .

وأعني بهذه القاعدة : أن المرء لابد أن يسأل عن مالايعلم ، وسؤاله لاينقص من قدره أو يُنزل من قيمته ، بل الجهل هو من ينقص من القدر ويؤثر في القيمة .

ولعل في ما يأتي بيان :
- ( لازم تسأل ) نفسك .. عن ماقدمته لدينك وأمتك ؟.
- ( لازم تسأل ) نفسك .. عن حالك ، وهل أنت في رضى الرحمن أم في قصور وتقصير ؟.
- ( لازم تسأل ) نفسك .. عن قصدك ونيتك فيما أقدمت عليه أو ستقدم عليه من عمل .. وهل هو لله ؟.
- ( لازم تسأل ) والديك .. عن أحوالهم وصحتهم وعن ما يحتاجونه منك .. فترضيهم به .
- ( لازم تسأل ) أولادك .. وتتابعهم في أمور دينهم ، ثم دنياهم ودراستهم ومعلميهم وزملاءهم .
- ( لازم تسأل ) من هو أهل للفتيا .. عن ما أشكل عليك في أمور دينك .. فيجلّيها لك .
- ( لازم تسأل ) شيخك .. عن ما أشكل عليك مما لم تجد له بيانا في كتب أهل العلم .
- ( لازم تسأل ) مديرك .. عن ما أشكل عليك فيما فيه مصلحة لك وللعمل .
- ( لازم تسأل ) مرؤوسك .. عن العمل وعن طريقة أداءه وعن تقصيره أو تأخره وغيابه .

الشاهد /
- أن السؤال من أهم مفاتيح العلم ، ومن لايسأل ويستشكل .. لايتعلم - غالبا -.

- عند حلول المشكلات .. يحسن تحليلها وتفتيتها وتقسيمها إلى أسئلة صغيرة ، ومن ثم حل كل سؤال على حدة .. لتخرج لك بعدها المشكلة على هيئة قد لاتتصورها .

- وقد قيل : قبل أن تسأل ...لماذا لا تبحث ؟!.

- في بعض ما مضى : لايعني الكاتب بقوله ( لازم ) .. الوجوب الشرعي .. فلكل حالةٍ حالها .

- في المثل المصري المشهور : اللي يسأل مايتوهش .

- قصة طريفة :
يقال : إن طفلا أشغل والده في السيارة بكثرة الأسئلة ..
ياوالدي : ماهذا البرج ؟ فقال الأب : لا أدري .
فقال الولد : وماهذا المحل ؟ ، فقال الوالد : لا أدري .
فقال الولد : وماهذه السيارة ؟، فقال الوالد : لا أدري .
فقال الولد : وماهذا المبنى ؟ ، فقال الوالد : لا أدري ..
فأحست الأم أن الولد سبب حرجا لوالده بكثرة الأسئلة التي لايعرف إجابتها ، فقالت للصغير : خلاص ياولد أشغلت والدك !..
فقال الأب : لا .. دعيه يسأل كي يتعلم .

</B></I>