تمثل مشكلة الإنجاب مشكلة طبية واجتماعية تجابه الكثير من الأزواج خاصة بعد مرور عام أو أكثر بدون إنجاب فهناك 15% من المتزوجين يجدون صعوبة فى الإنجاب، وفى المعتاد يجب أن يزور الزوجان طبيب أمراض النساء بعد مرور عام من المحاولة المستمرة للإنجاب.
ولكن هناك بعض الأحوال التى ينصح فيها بمراجعة الطبيب بعد فترة أقصر مثلاً إذا كانت الزوجة تعانى من اضطرابات شديدة بالدورة فلا تأتى فى موعدها بانتظام وتغيب لفترة طويلة أو تأتى مرات فى خلال شهر واحد أو إذا كانت هناك إفرازات فى الثدى، فمثل هذه الأمور تعكس خللاً فى الهرمونات قد يكون من المفيد علاجه فى مرحلة مبكرة، وكذلك فان سن المرأة مهم فعندما يكون سن الزوجة فوق 35 سنة يجب الحصول على مساعدة الطبيب فى وقت أقصر.
ويبدو هنا سؤال مهم وهو عن احتمال الحمل فى الفترة الأولى من الزواج والإجابة انه فى كل دورة شهرية للمرأة ومع وجود علاقة زوجية أثناء التبويض (أى فى وقت الذى تكون فيه فرصة التخصيب مرتفعة) فان فرصة حدوث حمل تتراوح بين 17-21% فقط، وذلك بالرغم أن التلقيح يحدث فى 85% من السيدات ولكن ثبات البويضة الملقحة يحدث فى نسبة بسيطة فقط ولذلك يجب اعطاء فرصة أكبر لحدوث الحمل قبل الذهاب للطبيب.
اسباب التأخر
أن أسباب تأخر الإنجاب تنقسم إلى أسباب تتعلق بالرجل مثل غياب الحيوانات المنوية أو ضعف إنتاجها وتشكل حوالى 30% من الأسباب، أو أسباب تتعلق بالمرأة مثل تكيسات المبايض أو نتيجة التصاقات بالحوض او بطانة الرحم المهاجرة أو تكون لأسباب خاصة بالرحم مثل العيوب الخلقية أو أسباب بعنق الرحم وتمثل كل هذه الأسباب حوالى 50% من الأسباب وهناك 20% من الحالات التى تعانى مما يسمى بالعقم غير المبرر والذى لم يتم التعرف على أسبابه إلى الآن.
ان تشخيص تأخر الإنجاب يستدعى زيارة الطبيب المتخصص وتمر بعدة مراحل تبدأ بالفحص السريرى للزوجة وبعد ذلك عمل الفحوصات المبدئية للهرمونات المسئولة عن انتظام التبويض وعن انتظام عمل المحور الهرمونى داخل الجسم ويلى ذلك فحص الموجات فوق الصوتية لاستبعاد الأورام الليفية أو تشخيص مرض يسمى بتكيس المبايض وكذلك الأشعة الصبغية لتشخيص التصاقات داخل الرحم أو سلامة قنوات فالوب أما بالنسبة للزوج فان تحليل السائل المنوى هو الخطوة الأولى لتشخيص السبب عند الرجال.
العلاج
ان مراحل العلاج تنقسم إلى بعض المراحل مثل علاج تكيس المبايض أو تنشيط المبايض مع تنظيم فترات الجماع.
ولكن هناك بعض الأحوال التى يقوم الطبيب فيها بنصح الزوجين بالقيام بعملية أطفال الأنابيب والتلقيح المجهرى مباشرة لأنها تمثل الحل الوحيد أو الحل المثالى مثل حالات انسداد قنوات فالوب، أو حالات الالتصاقات الشديدة بالحوض، أو حالات غياب الحيوانات المنوية.
ويجب أن نتذكر أن القرار يتوقف أولاً وأخيراً على مراجعة حالة الزوجين فمثلاً إذا كان كل من الرجل والمرأة يعانيان من أسباب مختلفة لتأخر الإنجاب فان قرار التلقيح المجهرى يكون أسرع وكذلك إذا طالت فترة الزواج أو تقدم سن الزوجة.
ويسأل الكثيرون عن الفرق بين أطفال الأنابيب والتلقيح المجهرى؟
ان عملية أطفال الأنابيب يتم فيها خلط الحيوانات المنوية الخاصة ببيوضات الزوجة والانتظار حتى يتم التلقيح الطبيعى ثم نقل الأجنة، إلى الرحم أما فى التلقيح المجهرى وهو الطريقة الأحدث فيتم اختبار الحيوانات المنوية النشيطة ثم عن طريق جهاز خاص يتم حقن حيوان منوى واحد إلى داخل البويضة باستخدام ابرة زجاجية رفيعة للغاية وكما هو واضح فان التلقيح المجهرى يحتاج فيه إلى عدد قليل من الحيوانات المنوية أى أنه فى حالة وجود 10 إلى 20 حيوان منوي فيمكن استخدامها أما فى حالة أطفال الأنابيب المعتادة فنحتاج إلى كمية من الحيوانات المنوية المتحركة وبصفة عامة فان تقنية التلقيح المجهرى يتم استخدامها مع معظم المرضى، ويجب أيضاً أن نتذكر بعض المراحل:
المرحلة الأولـــى : هى مرحلة الفحوصات المبدئية التى تقيس مستوى الهرمونات وتتأكد من تركيب الرحم والمبيض وغيرها من الأمور التى تعد أساسية
أولاً: لتحديد طريقة وكمية الدواء المنشط .
ثانياً: لتجنب أية أعراض جانبية.
ثالثاً : للتأكد من أن فرص نجاح التلقيح هى أفضل ما يمكن.
المرحلة الثانية :هى المرحلة التى تتناول فيها المرأة الأدوية المنشطة للتبويض عن طريق حقن يومية لمدة 10 – 12 يوما وأهمية هذه المنشطات هى مساعدة المبيض على زيادة عمله وتكوينه العديد من البويضات الناضجة فى وقت واحد وتتم المتابعة هنا من خلال الموجات فوق الصوتية وتحليل الهرمونات للتأكد من نضج البويضات .
المرحلة الثالثة: يتم ارتشاف البويضات من المبيض من خلال جهاز الموجات فوق الصوتية من داخل المهبل أى بدون أية جراحة، ثم تغادر المرأة بعد عدة ساعات لتعود بعد 3-5 أيام يكون تم خلالها تلقيح البويضات وتكون الأجنة حيث يتم اختيار أفضلها ونقلها إلى الرحم من خلال أنبوب رفيع ويتم ذلك تحت الموجات الصوتية للتأكد من وجود الأجنة فى المكان المناسب قبل أن تغادر السيدة إلى منزلها ويتم إجراء تحليل الحمل بعد 15 يوماً
وتختلف نسبة حدوث الحمل تبعاً لأحوال كثيرة مثل نوعية الحيوانات المنوية والبويضات ولكن أهم العوامل هو عمر المرأة ففى حين يبلغ نسبة الحمل أكثر من 50% فى السيدات أقل من 35 عاماً فانها تقل إلى أقل من 15% فى السيدات أكثر من 45 عاماً.
ان النجاح هو وليد الجهد والعمل الجماعى فوجود الطبيب ذي الخبرة فى هذا المجال يضمن تجهيز المرأة بصورة مناسبة وكذلك أية أسباب قد تمنع نجاح المحاولة بما يؤدى إلى الحصول على نوعية جيدة من البويضات ويزيد فرصة إنغراس الأجنة، وكذلك وجود خبراء الأجنة المدربين يجعل التخصيب وانقسام الأجنة ونوعيتها أفضل وبالتالى يزيد من فرصة الحمل.
أجهزة الليزر لشق جدار البويضات، وزراعة الأجنة لمرحلة (البلاسيتولا) وفحص خزعات الأجنة وخبرة العاملين فى هذه التقنيات من العوامل المهمة كذلك، فى الماضى كان الأطباء يفاخرون عندما تحمل المرأة بأكثر من طفل ولكن الآن تغيرت الأمور فمع زيادة نسبة حدوث الحمل ونجاح التلقيح ، أصبح الأطباء أكثر حرصاً على محاولة حدوث الحمل فى طفل واحد من خلال التحكم فى عدد الأجنة التى يتم نقلها إلى الرحم وبالتالى فان أكثر من 85% من حالات الحمل الآن تكون فى طفل واحد وفى البقية يكون فى طفلين ومن النادر حدوث الحمل فى أكثر من ذلك.
تشوهات التلقيح
وماذا عن نسبة التشوهات فى الأطفال المولودين بعد التلقيح ؟
هذه أحد الأمور التى شغلت العالم منذ زمن وقد قامت عدة حكومات أوروبية وكذلك بعض الجامعات بالعديد من الأبحاث والتى ضمت جميع الأطفال الذين تمت ولادتهم بعد عملية التلقيح المجهرى وأطفال الأنابيب، وأظهرت جميعها أن نسبة حدوث التشوهات الخلقية بهم لا تختلف عن بقية الأطفال، ليس ذلك فقط بل ان درجة ذكاء أطفال التلقيح المجهرى ونجاهم فى الدراسة لم تختلف عن بقية الأطفال، مما يؤكد سلامة هؤلاء الأطفال.
ويظل التحدى الذى يواجه الطبيب دائماً هو عندما يأتى زوجان أجريا محاولات للتلقيح غير ناضجة فى الماضى يجب عدم التسرع فى إجراء عمليات التلقيح المجهرى مرة أخرى بدون مراجعة حالة الزوجين خطوة بخطوة. بدءا من دراسات الزوجة من اشعات تبين تركيب الرحم إلى الهرمونات التفصيلية إلى فحوصات الوراثة، وكذلك المناعة ومروراً ببعض فحوصات الزوج لأننا نكتشف فى كثير من الزوجات والأزواج مشاكل لم يتم الانتباه إليها من قبل ويجب معالجتها، أو قد يحتاج الأمر إلى إجراء تنظير للرحم سواء من المبيض أو المهبل، ثم يلى ذلك وصف العلاج اللازم وإضافة بعض الأدوية التى تزيد من فرصة حدوث الحمل.
وكذلك فان هناك بعض التقنيات التى تساعد فى حدوث الحمل مثل استخدام جهاز الليزر لشق جدار الأجنة لمساعدتها فى العلوق بالرحم وكذلك تنمية الأجنة لمرحلة متأخرة (البلاسيتولا) للتأكد من تطورها قبل إعادتها، وكذلك أخذ خزعات من الأجنة لفحصها قبل اعادتها وعلى الطبيب الاختيار من بين كل هذه التقنيات لضمان فرصة نجاح المحاولة عند إعادتها منقول