الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله و على آله و صحبه أجمعين، أما بعد:
فمن نعم الله علينا أن هدانا لهذا الدين العظيم دين الحنيفية السمحة، دين اليسر والرفق والرحمة والشفقة، حيث لم يجعل الله علينا فيه حرجاً، وأراد بنا اليسر ولم يرد بنا العسر سبحانه وتعالى ووضع عنا الآصار والأغلال التي كانت على من قبلنا ـ بسبب ذنوبهم ومعاصيهم وعنادهم وتعديهم ـ وقد كتب الله علينا الصيام كما كتبه على من قبلنا لما فيه من الفوائد العظيمة لنا حيث إنه سبب للتقوى، وإذا رزق الله العبد تقواه فلا تسأل عن حاله ومثواه، حيث إن المتقين يحبهم الله، وإذا أحب الله العبد وضع له القبول في الأرض، والله مع المتقين يحفظهم ويؤيدهم وينصرهم ويثبتهم ويلهمهم رشدهم ويجعل لهم نوراً يمشون به وفرقاناً يفرقون به بين الحق والباطل .
وفضائل الصيام وفوائده كثيرة جداً، ومع هذه الفوائد العظيمة فقد يسره الله سبحانه وتعالى على عباده المؤمنين، فجعل هناك أعذاراً شرعية للفطر في رمضان؛ فمنها أعذار شرعية لا يجب على صاحبها الصيام ولا الإطعام، وأعذار أخرى يجب على صاحبها الإطعام دون الصيام، وثالثة يجب على صاحبها أن يقضي ما عليه من الصيام إذا انتهى العذر.
وفيما يلي نتحدث عن هذه الأعذار بشيء من التوضيح والإيجاز:
أولاً : الأعذار الشرعية التي لا يجب على صاحبها صيام رمضان ولا الإطعام عنه وهي ثلاثة أنواع :
النوع الأول: الجنون:
فالمجنون الذي فقد عقله لا يجب عليه الصيام ولا الإطعام، ولكن : إذا كان المجنون يفيق أحياناً ويجن أخرى فإنه يجب عليه الصيام حال إفاقته ورجوع عقله عليه، ولا يجب عليه الصيام حال جنونه.
- وإذا ابتدأ الصيام وهو عاقل ثم جن أثناء النهار فإن صومه صحيح فلا يلزمه قضاؤه إذا أفاق .
- وإذا أفاق المجنون أثناء نهار رمضان فإنه يلزمه إمساك بقية يومه ولا يلزمه القضاء قياساً على الكافر إذا أسلم. والدليل قوله صلى الله عليه وسلم: ( رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المجنون حتى يفيق ) صحيح. مختصر إرواء الغليل .
النوع الثاني: الهرم الذي يبلغ بصاحبه حد الهذيان:
هذا عذر من الأعذار الشرعية التي تسقط وجوب صيام رمضان، فليس على من وصل حد التخريف والهذيان صيام ولا إطعام إذا سقط تمييزه قياساً على الصبي قبل تمييزه. نسأل الله العافية ونعوذ بالله من الكبر والهرم، ونعوذ بوجه الله أن نرد إلى أرذل العمر.
ولكن إذا كان يميز أحياناً ويهذي أحياناً فإن الصيام يجب عليه حال تمييزه دون حال هذيانه.
النوع الثالث: الصغر:
فالصغير الذي لا يميز لا يجب عليه صيام ولا إطعام للدليل المتقدم آنفاً، ولكن يستحب للصغير أن يصوم إذا أطاق الصيام تمريناً له على الطاعة ولفعل الصحابة رضى الله عنهم حيث كانوا يصومون أولادهم وهم صغار، فإذا بكوا من الجوع أعطوهم اللعبة من الصوف ونحوه يتلهون بها حتى تغرب الشمس فيفطرون، ولهذا يستحب لولي الصغير أن يربيه على ذلك الخير، والصيام من الخير(( وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ )) [ البقرة: 184] وللولي أجر الدلالة على الخير، والدال على الخير كفاعله، وللصغير أجر الصيام، فإن الصغار غير البالغين تكتب لهم الحسنات ولا تكتب عليهم السيئات ، وهم يتفاضلون في الدرجات يوم القيامة بحسب أعمالهم الصالحة، وهذا الحكم مختص بالصغير الذي لم يبلغ، فأما إذا بلغ وظهرت به إحدى علامات البلوغ فإنه يجب عليه الصيام ولا يجوز له الفطر، وبعض الناس يعتقد أن علامات البلوغ إنما هي علامة واحدة وهي السن -بلوغ سن الخامسة عشرة- ويظن أن من كان عمره أقل من ذلك فهو غير بالغ، وهذا غير صحيح بل هو اعتقاد وظن خاطئ، فالصحيح أن الصبي والصبية قد يبلغان سن التكليف قبل سن الخامسة عشرة وذلك بنبات شعر العانة أو إنزال المني باحتلام أو غيره، وكذا إذا حاضت الأنثى فقد بلغت وجرى عليها قلم التكليف وإن لم تبلغ عشر سنين.
وإذا حصل البلوغ في أثناء نهار رمضان بظهور علامة من علامات البلوغ الثلاثة للذكر والأربعة للأنثى والمشار إليها آنفاً وهو صائم فإنه يتم صومه ولا شيء عليه، وإن كان مفطراً لزمه الإمساك بقية يومه ولا يلزمه قضاؤه.
ثانيا: الأعذار الشرعية التي يجب على صاحبها الإطعام دون الصيام، وهي نوعان:
النوع الأول: الكبر:
فالكبير العاجز عن الصيام عجزاَ مستمراً لكبره يجب عليه الإطعام دون الصيام، والدليل قول الله تعالى: (( وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ))[البقرة:184] فعلى أحد المعنيين في تفسير هذه الآية أن معناها: على الذين يتكلفونه ويشق عليهم مشقة غير محتملة، كالشيخ الكبير فدية عن كل يوم طعام مسكين، قال ابن سعدي : وهذا هو الصحيح. تيسير الكريم في تفسير كلام المنان (1/222) .
وقال ابن عباس رضى الله عنهما : ( في الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فيطعمان مكان كل يوم مسكيناً ) رواه البخاري.
وأطعم أنس بن مالك رضي الله عنه بعد ما كبر عاماً أو عامين: كل يوم مسكينا خبزاً ولحماً وأفطر. البخاري.
النوع الثاني: المرض الذي لا يرجى برؤه:
إذا كان المريض عاجزاً عن الصيام عجزاً مستمراً ولا يرجى زوال مرضه كالمصاب بالسرطان والإيدز عياذاً بالله من ذلك فإنه لا يجب عليه الصيام وإنما يجب عليه الإطعام عن كل يوم مسكيناً، قال الله تعالى: ((فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ))[التغابن:16] وقال تعالى: (( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ))[البقرة:286].
ثالثا: الأعذار الشرعية التي يجب على صاحبها قضاء صيام الأيام التي أفطرها عند زوال عذره وهي خمسة أنواع:
النوع الأول: المرض الذي يرجى برؤه.
إذا كان المريض يرجى برؤه وزوال مرضه فلا يخلو من ثلاث حالات:
- إما أن يضره الصيام، وإما أن يشق عليه بلا ضرر، وإما أن لا يشق عليه ولا يضره الصيام، فإن كان يضره الصيام فيجب الفطر ولا يحل له الصيام لقوله تعالى: (( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ))[البقرة:195] ولقوله صلى الله عليه وسلم: ( إن لنفسك عليك حقاً ) البخاري. ومن حقها أن لا تضرها مع وجود رخصة الله في قوله سبحانه: (( فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ))[البقرة:184] .
- وأما إن كان يشق عليه الصيام مع مرضه ولكن لا يضره فإن الصيام مكروه له مع مشقة المرض ولو لم يتضرر منه، لقوله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته ) صحيح. إرواء الغليل .
- وأما إن كان الصيام لا يضر المريض ولا يشق عليه كمن به مرض خفيف كدوخة الرأس وقلع السن ونحو ذلك فهذا إذا كان لا يلحقه ضرر بالصيام ولا مشقة فلا يجوز له الفطر بل يجب عليه أن يصوم.
- وإذا حدث المرض للمريض في أثناء نهار رمضان وهو صائم وشق عليه إتمامه جاز له الفطر.
- وإذا برئ من مرضه في أثناء نهار رمضان وهو مفطر فإنه يمسك بقية يومه ويقضي .
النوع الثاني: السفر:
فالمسافر لا يجب عليه الصيام في سفره سواء كان سفره بعيداً أم قريباً، وسواء شق عليه الصيام أو لم يشق فإن المسافر يجوز له الفطر والصيام في سفره وله الخيار في ذلك إن شاء أفطر وإن شاء صام، والدليل حديث أنس رضي الله عنه قال: ( كنا نسافر مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم ) البخاري.
ولحديث حمزة بن عمرو الأسلمي رضي الله عنه أنه قال: ( يا رسول الله! إني صاحب ظهر أعالجه وأسافر عليه وأكريه، وإنه ربما صادفني هذا الشهر -يعني: رمضان- وأنا أجد القوة، وأنا شاب فأجد بأن الصوم يا رسول الله أهون علي من أن أؤخره فيكون ديناً علي أفأصوم يا رسول الله أعظم لأجري أم أفطر؟ قال: أي ذلك شئت يا حمزة ) ضعيف. إرواء الغليل.
وفي رواية أنه قال: ( أأصوم في السفر؟ فقال : إن شئت فصم وإن شئت فأفطر ) البخاري .
ولكن هل الأفضل للمسافر الفطر أم الصيام؟
لعل الراحج والله أعلم في هذه المسألة هو التفصيل فيها:
فمن كان الصوم يشق عليه أو يشق على من معه فالأفضل له الفطر للأدلة التالية:
أ- حديث جابر رضي الله عنه ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر فرأى زحاماً ورجلاً قد ظلل عليه، فقال: ما هذا؟ فقالوا: صائم، فقال : ليس من البر الصيام في السفر ) البخاري ، ومادام أن الصيام في السفر ليس من البر فالفطر من البر فيكون مستحبًا.
ب- قوله صلى الله عليه وسلم لما كان في سفر ومعه الصائم والمفطر وسقط الصائمون وقام المفطرون بالخدمة فقال : ( ذهب المفطرون اليوم بالأجر ) البخاري .
ج- قوله صلى الله عليه وسلم لما كان في سفر وشق على من معه الصيام فأفطر وقال: لمن لم يفطر ( أولئك العصاة ) مسلم. وإنما قال لهم ذلك؛ لأنه أمرهم بالإفطار في تلك اللحظة فلم يفطروا.
د- حديث حمزة الأسلمي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ( هي رخصة فمن أخذ بها فحسن، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه ) رواه مسلم.
وأما المسافر الذي لا يشق عليه الصوم فالأفضل له الصيام لتبرأ ذمته من دين الله، وليصوم مع الناس، ولأن هذا هو فعل النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لا يشق عليه الصوم في السفر، ومن الأدلة على ذلك ما يلي :
أ- حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال : ( خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان في حر شديد حتى إن كان أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة ) رواه مسلم .
وهذا يدل على أن الصوم أفضل لمن لا يشق عليه، ولو كان الصيام في السفر مختصًا بالرسول صلى الله عليه وسلم لنهى عنه عبد الله بن رواحة رضي الله عنه أو أرشده للأفضل.
ب- حديث أبي سعيد الخدري: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى على نهر من ماء السماء والناس صيام في يوم صائف مشاة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلة له فقال: اشربوا أيها الناس. فأبوا، فقال: إني لست مثلكم، إني أيسركم إني راكب فأبوا، فثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم فخذه فنزل فشرب وشرب الناس معه، وما كان يريد أن يشرب صلى الله عليه وسلم ) صحيح، السلسلة الصحيحة.
ج- حديث ابن عباس رضى الله عنهما: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم صام في السفر وصام الناس معه حتى بلغ كراع الكديد ثم أفطر ، وأفطر الناس معه ) رواه مسلم .
وهذا نص صريح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم في السفر وهو أتقانا لله عز وجل وأشدنا له خشية، ولا يداوم إلا على الأفضل وهو قدوتنا صلى الله عليه وسلم وإنما أفطر لما شق على الناس الصيام فأخذ برخصة الله ليبين لهم جواز الفطر في رمضان بل ليبين لهم أفضلية الفطر للمسافر إذا شق عليه الصيام في السفر.
د- حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: ( يرون أن من وجد قوة فصام فإن ذلك حسن، ويرون أن من وجد ضعفًا وأفطر فإن ذلك حسن ) ضعفه ابن حجر. فتح الباري .
وبهذا التفصيل الذي ذكرناه يمكن الجمع بين الأدلة المتعارضة في هذه المسألة والأخذ بالنصوص كلها أولى من إهدار بعضها وحمل كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على وجه ينفي التعارض بينهما أو بين بعض أدلتهما واجب ما أمكن (( وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً )) [ النساء : 82 ] .
وما ورد من الأحاديث مخالفًا لهذا الجمع كحديث ( الصائم في السفر كالمفطر في الحضر ) البخاري ومسلم. فهو غير صحيح فلا حجة فيه لأحد.
ولكن إذا قدم المسافر إلى بلده في نهار رمضان مفطراً فإنه يمسك بقية يومه وعليه قضاؤه.
النوع الثالث: الحيض والنفاس:
فالحائض والنفساء لا يجب عليهما الصيام ولا يصح منهما بل يحرم عليهما.
وبرهان ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ( ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن؟!، قلن: وما نقصان عقلنا وديننا يا رسول الله؟ قال: أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟ قلن: بلى، قال: فذلك نقصان عقلها؟ أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟ قلن: بلى، قال: فذلك نقصان دينها ) متفق عليه. ولكن إذا طهرت في أثناء الليل ولو قبل الفجر بلحظة فيجب عليها الصوم ولو لم تغتسل إلا بعد طلوع الفجر .
بينما إذا حاضت قبل الغروب بلحظة وهي صائمة فإن صومها يبطل بالحيض وعليها القضاء، وإذا طهرت في أثناء نهار رمضان وهي مفطرة فإنها تمسك بقية اليوم وتقضي.
النوع الرابع: الحمل والرضاع:
فالحامل والمرضع إذا خافتا على نفسيهما أو ولديهما فإنهما يفطران ويقضيان ما عليهما بعد زوال عذرهما، والدليل قوله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله وضع عن المسافر شطر الصلاة والصوم عن المسافر وعن المرضع والحبلى ) صحيح. مشكاة المصابيح .
النوع الخامس: حاجة دفع ضرورة غيره:
فمن احتاج للفطر لدفع ضرورة غيره كإنقاذ معصوم من غرق أو حريق أو هدم أو نحو ذلك ولا يمكنه إنقاذه إلا بالتقوي على ذلك بالأكل والشرب جاز له الفطر ويقضي بعد ذلك ما عليه . وكذا من احتاج للفطر للتقوي به على الجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمة الله فإنه يفطر ويقضي ما أفطر سواء كان ذلك في السفر أم في الحضر إذا داهمهم العدو في بلدهم ، والدليل حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وفيه قال صلى الله عليه وسلم: ( إنكم مصبحوا عدوكم والفطر أقوى لكم فأفطروا، وكانت عزيمة فأفطرنا ) رواه مسلم .
ولأن مالا يتم الواجب إلا به فهو واجب .
وفي الختام: ليعلم المسلم أن في إمساك المسافر إذا قدم إلى بلده مفطرًا أثناء النهار والحائض إذا طهرت في أثناء النهار والمريض إذا برئ في أثناء النهار كل هؤلاء فيهم خلاف قوي، فعند علمائنا الحنابلة أنهم يمسكون بقية اليوم ويقضون كما أسلفنا، وقول آخر: أنهم لا يجب عليهم الإمساك لعدم استفادتهم منه، ولأن من حل له الفطر في أول النهار حل له في آخره، والمسألة اجتهادية، والمجتهد فيها بين أجر وأجرين، والله الموفق للصواب.
والمهم: أن من جاز له الفطر بعذر شرعي من الأعذار المتقدمة فإنه لا ينكر عليه إعلان فطره إذا كان عذره ظاهرًا كالمريض والكبير العاجز عن الصيام، وأما إن كان عذره خفيًا كالحائض والمسافر ونحوهما فإنهم يفطرون سرًا لئلا يجرون التهمة إلى أنفسهم وربما يقتدي بهم الجاهل فيظن أن الفطر جائز في رمضان ولو بلا عذر .
وأمر آخر مهم فيمن وجب عليه الإطعام دون الصيام، فهو مخير بين أن يفرقه حبًا وبين أن يصنع طعامًا، فإن فرقه حباً فيعطي لكل مسكين نصف كيلو وعشرة غرامات من البر الجيد أو يعطي كل واحد كيلو وعشرين غرامًا من الأرز ونحوه من الطعام عن كل يوم أفطره من رمضان، ولو جمع الأيام التي عليه واشترى كيساً من الأرز في آخر الشهر أو في أوله وأعطاه مسكينًا أجزأه ذلك، وإن أراد أن يطعم المساكين ويصنع الطعام بنفسه فإنه يدعو إليه مساكين بقدر الأيام التي عليه فيطعمهم ، "يعشيهم أو يغديهم أو يفطرهم" .
وعلى جميع من كان عليه قضاء أن لا يؤخره إلى رمضان الثاني إلا بعذر شرعي وإن بادر به بعد انتهاء العذر فهو أولى ولكن له أن يؤخره وله أن يفرق الأيام التي عليه.. والمهم لا يؤخر القضاء إلى رمضان الثاني بلا عذر.
والله أسأل أن يصلح أحوال المسلمين وأن يوفق قادتهم لكل خير وأن يجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . . منقول وجزا الله صاحبه عنا خير الجزاء