عبد الله بن حذافة السهمي (1)
إبن قيس ، أبو حذافة القرشي السهمي ، أحد السابقين.
هاجر هو وأخوه قيسإلى الحبشة ، ونفذه النبي صلى الله عليه وسلم رسولاً إلى كسرى.
هو القائل : يا رسول الله ، من أبي ؟ وكان إذا لاحى الرجال دعي لغير أبيه ، فقال : أبوك حذافة .
خرج إلى الشام مجاهداً ، فأسر على قيسارية ، وحملوه إلى طاغيتهم ،فراوده عن دينه ، فلم يفتتن.
عن أبي سلمة : أن عبد الله بن حذافة قام يصلي، فجهر ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (يا ابن حذافة ، لا تسمعني وسمّعالله).
عن عمر بن الحكم بن ثوبان ، أن أبا سعيد قال : بعث رسول صلى اللهبسرية ، عليهم علقمة بن مجزّز ، وأنا فيهم ، فخرجنا ، حتى إذا كنا ببعض الطريق ،استأذنه طائفة فأذن لهم ، وأمر عليهم عبد الله بن حذافة ، وكان من أهل بدر ، وكانتفيه دعابة فبينما نحن في الطريق ، فأوقد القوم ناراً يصطلون بها ، ويصنعون عليهاصنيعاً لهم ، إذ قال : أليس لي عليكم السمع والطاعة ؟ قالوا: بلى . قال : فإني أعزمعليكم بحقي وطاعتي إلا تواثبتم في هذه النار ، فقام ناس ، فحتجزوا ، - أي شدواأوساطهم فعل من يتهيأ - حتى إذا ظن أنهم واقعون فيها قال : أمسكوا ، إنما كنت أضحكمعكم. فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذكروا له ذلك فقال : (منأمركم بمعصية فلا تطيعوه).
عن أبي رافع ، قال : وجه عمر جيشا إلى الروم ،فأسروا عبد الله بن حذافة ، فذهبوا به إلى ملكهم ، فقالوا : إن هذا من أصحاب محمد. فقال : هل لك أن تتنصر وأعطيك نصف ملكي ؟ قال : لو أعطيتني جميع ما تملك ، وجميعملك العرب ، ما رجعت عن دين محمد طرفة عين ، قال : إذا أقتلك. قال : أنت وذاك. فأمربه فصلب. وقال للرماة :
ارموه قريباً من بدنه ، وهو يعرض عليه ، ويأبي ، فأنزله. ودعا بقدر ، فصب فيها ماء حتى احترقت ، ودعا بأسيرين من المسلمين ، فأمر بأحدهما ،فألقي فيها ، وهو يعرض عليه النصرانية ، وهو يأبى . ثم بكى . فقيل للملك : إنه بكى، فظن أنه قد جزع ، فقال : ردوه. ما أبكاك ؟ قال : قلت : هي نفس واحدة تلقى الساعةفتذهب ، فكنت أشتهي أن يكون بعدد شعري أنفس تلقى في النار في الله. فقال له الطاغية : هل لك أن تقبل رأسي وأخلي عنك ؟ فقال له عبد الله : وعن جميع الأسارى ؟ قال : نعم. فقبل رأسه. وقدم بالأسارى على عمر ، فأخبره خبره. فقال عمر : حق على كل مسلمأن يقبل رأس ابن حذافة ، وأنا أبدأ ، فقبل رأسه.
ولعل هذا الملك قد أسلم سراً ،ويدل على ذلك مبالغته في إكرام ابن حذافة.
وكذا القول في هرقل إذ عرض على قومهالدخول في الدين ، فلما خافهم قال : إنما كنت أختبر شدتكم في دينكم.
فمن أسلم فيباطنه هكذا ، فيرجى له الخلاص من خلود النار ، إذ قد حصَل في باطنه إيماناً ما ،وإنما يخاف أن يكون قد خضع للإسلام وللرسول، واعتقد أنهما حق، مع كون أنه على دينصحيح، فتراه يعظم للدينين ، فهذا لا ينفعه الإسلام حتى يتبرأ من الشرك.
مات ابن حذافة في خلافة عثمان رضي الله عنهم.