الختان و آثاره الصحية :
يظهر لِمَنْ تتبَّع الأحاديث و الروايات الواردة في الختان و تدبَّرها ، إن الإسلام إنما حثَّ على الختان و أمر به لما فيه من فوائد صحية و آثار وقائية كبيرة ، فهو يحثُّ على ضرورة الإسراع في ختان الصبي و ينهى عن تأخيره بشدة ، و يُصرَّح بأن في تأخيره ضرراً على الفرد و المجتمع و البيئة ، و إن الختان ينتج منه الطهارة و النظافة و هما ـ كما هو واضح ـ من الأسس المهمة للصحة و السلامة .
فقد رَوى عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السَّلام ) قَالَ : " اخْتِنُوا أَوْلَادَكُمْ لِسَبْعَةِ أَيَّامٍ فَإِنَّهُ أَطْهَرُ وَ أَسْرَعُ لِنَبَاتِ اللَّحْمِ وَ إِنَّ الْأَرْضَ لَتَكْرَهُ بَوْلَ الْأَغْلَفِ [11] " [12] .
و عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السَّلام ) قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلَّى الله عليه و آله ) طَهِّرُوا أَوْلَادَكُمْ يَوْمَ السَّابِعِ فَإِنَّهُ أَطْيَبُ وَ أَطْهَرُ وَ أَسْرَعُ لِنَبَاتِ اللَّحْمِ وَ إِنَّ الْأَرْضَ تَنْجَسُ مِنْ بَوْلِ الْأَغْلَفِ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً [13] .
و من وجهة النظر الطبية فإن الختان يحول دون تراكم مادة غدية المنشأ , جبنية القوام , كريهة الرائحة تورث المرء ضيقا شديداً .
و مما يلفت النظر أن الهندوس ـ و هم لا يختتنون ـ يصابون بسرطان القضيب أكثر مما يصاب به المسلمون في الهند .
و الجدير بالذكر أن الختان يمارس اليوم في كثير من أنحاء العالم الغربي ـ بعيداً عن المعتقدات الدينية ـ كإجراء وقائي من كثير من الأمراض نظراً لما له من آثار صحية رغم أن الأطباء هناك كانوا يناهضون فكرة إجراء الختان بشدة سابقاً .
و قد أكدت مقالة نشرت في مجلة : Postgraduate Medicine أن مليون طفل أمريكي يختن الآن كل عام في أمريكا ، كما تؤكد دراسات أخرى بأن 60 – 80 % من المتولدين الذكور في أمريكا يختنون .
هذا و إن هناك العشرات من التقارير الطبية التي أثبت أصحابها ضرورة إجراء عملية الختان كإجراء احترازي بالنسبة إلى الكثير من الأمراض و التي منها :
1. الهربس التناسلي Genital Herpes .
2. السيلان Gonorrhea .
3. الزهري Syphilis .
كما أكدت الدراسات العلمية الحديثة انخفاض حدوث مرض الإيدز عند المختونين .
و يعترف البروفسور ويزويل [14] بموقفه العدائي تجاه الاختتان و يقول : " لقد كنت من أشد الناس عداءً للختان ، و قد شاركت حينئذ في الجهود التي بذلها الأطباء آنذاك للإقلال من نسبة الختان ، و لكن الدراسات العلمية التي ظهرت في الثمانينات أظهرت بيقين ازديادا في نسبة الالتهابات البولية عند الأطفال غير المختونين ، و ما ينطوي عليه من خطر حدوث التهاب مزمن في الكلى و فشل كلوي في المستقبل .
و بعد إجراء المزيد من الأبحاث ، و إجراء تمحيص دقيق لكل الدراسات العلمية التي أجريت في هذا المجال ، وصلتُ إلى نتيجة مخالفة تماما ، و أصبحت من أشد أنصار الختان ، و أيقنت أن الختان ينبغي أن يصبح أمرا روتينيا عند كل مولود " [15] .
هل تغني العناية الصحية عن الختان ؟
و بالنسبة إلى هذا السؤال : هل تغني العناية الصحية بنظافة الأعضاء الجنسية عن الختان ؟
يقول البروفيسور ويزويل : " لقد ادعى البعض أن العناية الصحية بنظافة الأعضاء الجنسية تعطي وقاية مماثلة لتلك التي يمنحها الختان ، و لكن هذا مجرد افتراض ، و حتى اليوم لا توجد أية دراسة علمية تؤيد هذا الافتراض ، و لا يوجد أي دليل علمي يشير إلى أن النظافة الجيدة في الأعضاء التناسلية يمكن لها بحال من الأحوال أن تمنع الاختلاطات التي تحدث عند غير المختونين " .
و يقول البروفيسور ويزويل : " صوَّت أعضاء الجمعية الطبية في كاليفورنيا بالإجماع على أن ختان الوليد وسيلة صحية فعالة ، لقد تراجعت عن عدائي الطويل للختان ، و صفقتُ مُرحِّبا بقرار جمعية الأطباء في كاليفورنيا " [16] .
و قد أكد هذا القول الدكتور شوين الذي كتب مقالا رئيسا في إحدى أشهر المجلات الطبية في العالم N .E .T .M . عام 1990 جاء فيه : " أن الحفاظ على نظافة جيدة في المناطق التناسلية أمر عسير ، ليس فقط في المناطق المختلفة من العالم ، بل حتى في دولة كبرى و متحضرة كالولايات المتحدة ، و كذلك الحال في إنجلترا ، فقد أكدت دراسة أجريت على أطفال المدارس الإنجليز غير المختونين أن العناية بنظافة الأعضاء التناسلية سيئة عند 70 % من هؤلاء الأطفال .
و يقول الدكتور روبسون في مقال أن هناك أكثر من 60 ألف شخص أصيب بسرطان القضيب في أمريكا منذ عام 1930 ، و من المدهش حقا أن عشرة أشخاص فقط من هؤلاء كانوا مختونين ، و اليهود لا يصابون عادة بسرطان القضيب و هو يختنون أطفالهم في اليوم الثامن من العمر .
و يؤكد الدكتور شوين فائدة الختان في الوقاية من سرطان القضيب ، فيقول : " إن الختان الروتيني للوليدين يقضي تقريبا بشكل تام على احتمال حدوث سرطان في القضيب " .
هذا و قد أثبتت دراسة أجريت على حوالي نصف مليون طفل في أمريكا أن نسبة حدوث التهاب المجاري البولية عند الأطفال غير المختونين بلغت عشرة أضعاف ما هي عليه عند المختونين .
و أكدت دراسة أخرى أن حدوث التهاب المجاري البولية عند الأطفال غير المختونين يبلغ 39 ضِعف ما هو عليه عند المختونين .
و في الختام نذكِّر بأننا نعتقد أن ما توصل اليه العلماء حتى الآن بالنسبة لفوائد الختان ربما تكون جزءً من الفوائد و الحِكَم التي تكون وراء تشريع الختان من جانب الله عزَّ و جلَّ لا كلها .
--------------------------------------------------------------------------------
[1] يُستحب ختان الصبي في اليوم السابع ، و قد وردت فيه أحاديث كثيرة .