الديكور فالفوانيس الشموع و البخور
مع اقتراب شهر رمضان تبدأ مظاهر الاحتفاء بقدومه، كونه يعتبر شهرا للخير والرحمة والغفران، حيث ترتدي شوارع العالم الإسلامي وبيوته حلة جديدة تعكس تاريخا عريقا وتقاليد رسخت في ذاكرة الشعوب رغم تفاوت الأزمان، ولعل من بين العادات التي تعطي للشهر الفضيل ميزة وخصوصية، تعليق الفوانيس بما لها من جاذبية تشدّ الأنظار وتضيء ظلمة المكان لتعود بنا إلى الوراء بأزيد من ألف عام.
مصر، ماليزيا، سوريا، فلسطين وعديد البلدان يعلقون الفوانيس في شهر شعبان وطيلة رمضان أما في الجزائر فلا نكاد نبصرها إلا داخل بعض البيوت المتشبثة بالعادات والتقاليد والتي تعتبر تزيين المكان امتدادا للبعد الروحي لأحب أشهر الرحمان.
الفانوس أو "الفناس" هو كلمة إغريقية تشير إلى إحدى وسائل الإضاءة، وقد حدد الفيروز أبادي مؤلف القاموس المحيط المعنى الأصلي لها ب "النمام" كونه يظهر حامله وسط الظلام.
استخدم الفانوس أول مرة صدر الإسلام من أجل الذهاب للمساجد وتبادل الزيارات في الأمسيات والليالي بكل أمان، ثم نٌسجت بينه وبين الشهر الفضيل علاقة حميمة حتى صار يطلق عليه فانوس رمضان.
فانوس رمضان هو أحد المظاهر الشعبية الأصلية في مصر وبعض البلاد العربية والإسلامية، وهو أيضا واحد من الفنون الفلكلورية التي أولاها الفنانون والدارسون الكثير من الاهتمام، حتى أنه نوقشت كم من رسالة ماجيستير ودكتوراه عن تاريخه الذي ظل عبر العصور مظهرا فريدا من مظاهر رمضان وجزء لا يتجزأ من احتفالاته في أقدس الليالي وأجمل الأيام.
هناك العديد من القصص عن أصل الفانوس، تقول إحداها أن الخليفة الفاطمي كان يخرج إلى الشوارع ليلة الرؤية ليستطلع الهلال، وكان الأطفال يخرجون معه حاملين الفوانيس لإضاءة الطريق أمامه وهم يرددون بعض الأغاني الترحيبية تعبيراً عن سعادتهم باستقبال رمضان.
قصة أخرى تقول أن أحد الخلفاء الفاطميين أراد أن يضئ شوارع القاهرة طوال ليالي شهر رمضان، فأمر شيوخ المساجد بتعليق الفوانيس ووضع الشموع بداخلها لمحاربة الظلام.
وتروى قصة ثالثة أنه خلال العصر الفاطمي، لم يكن يُسمح للنساء بترك بيوتهن إلا في شهر رمضان، وكان يسبقهن غلام يحمل فانوساً لتنبيه الرجال من أجل الابتعاد، وبهذا الشكل كانت النساء تستمتعن بالخروج بكل أمان، وقد ظل الناس بعد ذلك متمسكين بتقليد الفانوس، حيث يحمل الأطفال الفوانيس ويمشون في الشوارع مرددين أعذب الألحان.
أياً كان أصل الفانوس، يظل رمزا خاصا بشهر رمضان في كثير من البلدان، ولقد انتقل هذا التقليد بتتابع الأجيال، حيث يقوم الأطفال الآن بحمل الفوانيس والخروج إلى الشوارع قبل رمضان ببضعة أيام، كما أصبحت ربات البيوت يزينّ بها قاعات الضيوف وموائد الإفطار لإعطاء ميزة فريدة تعبق المكان برائحة المحبة والوئام.