((من حِكَم التعدد في الزواج))
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، له نعبد وبه نستعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المبعوث رحمةً إلى الثقلَيْن، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّمَ تسليماً كثيراً إلى يوم الدين. أما بعد:ــ
فهذه مشاركة بسيطة في موضوع حِكَم الشريعة الإسلامية في إباحة تعدد الرجل من الزوجات إلى أربع نسوة. فإليكم هذا النقل المبارك من كلام الإمام المفسّر محمد الأمين الشنقيطي ــ يرحمه الله ــ:
قال العلامة محمد اﻷمين الشنقيطي ــ يرحمه الله ــ:
(وﻻ شكّ أن الطريق التي هي أقوم الطرق وأعدلها، هي إباحة تعدد الزوجات ﻷمور محسوسة يعرفها كل العقلاء.
منها: أن المرأة الواحدة تحيض وتمرض وتنفُسُ، إلى غير ذلك من العوائق المانعة من قيامها بأخص لوازم الزوجية، والرجل مستعد للتسبب في زيادة اﻷمة، فلو حبس عليها في أحوال أعذارها لعطلت منافعه باطﻼً في غير ذنب.
ومنها:أن الله أجرى العادة بأن الرجال أقل عدداً من النساء في أقطار الدنيا، وأكثر تعرضاً ﻷسباب الموت منهنّ في جميع ميادين الحياة ، فلو قصُرَ الرجل على واحدة؛ لبقي عدد ضخم من النساء محروماً من الزواج، فيضطرون إلى ركوب الفاحشة، فالعدول عن هدي القرآن في .
ومنها:أن اﻹناث كلهن مستعدات للزواج، وكثير من الرجال ﻻقدرة لهم على القيام بلوازم الزواج لفقرهم، فالمستعدون للزواج من الرجال أقل من المستعدات له من النساء؛ ﻷن المرأة ﻻ عائق لها، والرجل يعوقه الفقر وعدم القدرة على لوازم النكاح، فلو قصر الواحد على الواحدة؛ لضاع كثير .
فإن خاف الرجل أن لايعدل بينهن؛ وجب عليه اﻻقتصار على واحدة، أو مُلْكِ يمينه؛ ﻷن الله تعالى يقول: ((إن الله يأمر بالعدل واﻹحسان ...))، الآية.
أما المَيْل الطبيعي بمحبة بعضهن أكثر من بعض، فهو غير مستطاع دفعه للبشر؛ ﻷنه انفعال وتأثر نفساني ﻻ فعل، وهو المراد بقوله تعالى: ((ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم ...)).
• وما يزعمه بعض الملاحدة من أعداء دين اﻹسلام، من أن تعدد الزوجات يلزمه الخصام والشغب الدائم المفضي إلى نكد الحياة ...، فهو كلام ساقط يظهر سقوطه لكل عاقل؛ ﻷن الخصام والمشاغبة بين أفراد أهل البيت ﻻ انفكاك عنه ألبتة، فهو أمر عادي ليس له كبير شأن، وهو في جنب المصالح العظيمة التي ذكرنا في تعدد الزوجات، من صيانة النساء وتيسير التزويج لجميعهن، وكثرة عدد اﻷمة لتقوم بعددها الكثير في وجه أعداء اﻹسلام كلا شيء؛ ﻷن المصلحة العظمى يقدم جلبها على دفع المفسدة الصغرى).
المرجع: كتاب "أضواء البيان، في تفسير القرآن بالقرآن"، للعلامة المفسّر الشيخ محمد الأمين الجكني الشنقيطي، (3/ 22).