وذمه وعائية عصبية وراثية / داء كوينكه
الوذمة (Edema) هي حالة تتراكم فيها سوائل في داخل نسيج معين مما يؤدي الى ورم في هذا النسيج، بل الى خلل في ادائه الوظيفي. والوذمة قد تظهر في جميع انواع الانسجة في الجسم، تقريبا.
الوذمة الوعائية العصبية الوراثية (Hereditary angioedema)
هي عبارة عن اضطراب جيني موروث نادر يظهر بمعدل شخص واحد من بين كل 50,000 شخص. يظهر هذا المرض كنوبات تظهر خلالها وذمات في اماكن مختلفة في الجسم، مثل اليدين, الرجلين, الوجه وحتى الجهاز التنفسي- وهذا الوضع قد يتفاقم الى درجة يشكل فيها خطرا على حياة المريض. بالاضافة الى ذلك، قد يعاني المريض ايضا من اوجاع في البطن مصحوبة بالغثيان والاسهال الناجمين عن تكون الوذمة في الامعاء.
أعراض وذمه وعائية عصبية وراثية / داء كوينكه
بالرغم من ان الوذمة الوعائية العصبية الوراثية هي اضطراب خلقي, الا ان اعراض الوذمة الوعائية العصبية الوراثية تظهر للمرة الاولى في سن البلوغ ولا تظهر لدى الاولاد. يظهر المرض كنوبات تحدث دون سبب واضح، او في اعقاب حالات من الضغط, التوتر, الاصابة (حتى لو كانت طفيفة), عملية جراحية او مرض. وتزداد وتيرة النوبات لدى النساء عند النزف الحيضي. كما تزداد وتيرة النوبات، بشكل ملحوظ، لدى المرضى الذين تتم معالجتهم عن بواسطة مثبطات الانزيم المحول للانجيوتنسين (Angiotensin Converting Enzyme Inhibitor - ACEI).
تشمل علامات النوبة:
قبل النوبة:- الشعور بالضغط, التنميل او الوخز في المنطقة التي ستظهر فيها الوذمة لاحقا.
- ظهور مفاجىء لحمامى هامشية (erythema marginatum) على سطح الجلد. من المهم التنويه الى ان هذا الطفح الجلدي لا يسبب الشعور بالحكة، خلافا للشرى (Urticaria).
- تقلبات في المزاج, القلق والارهاق.
خلال النوبة:- ورم في اعضاء مختلفة من الجسم، مثل: كفتي اليدين, اليدين, كفتي القدمين, الرجلين والوجه.
- ورم في اعضاء البطن الداخلية وهذا يؤدي الى شعور باوجاع في البطن, غثيان وقيء.
- ورم في المسالك الهوائية العلوية وهذا يؤدي الى ارتفاع نبرة الصوت, صعوبة في البلع وصعوبة في التنفس.
يمكن ان يستمر الورم لـ 72 ساعة، بينما قد تستمر اعراض النوبة الاخرى حتى خمسة ايام. النوبات التي تشمل صعوبة في التنفس يجب ان تتم معالجتها طبيا في مرحلهة مبكرة.
أسباب وعوامل خطر وذمه وعائية عصبية وراثية / داء كوينكه
الوذمة الوعائية العصبية الوراثية تحدث بسبب خلل في الجين (المورثة - Gen) المسؤول عن انتاج البروتين المثبط لـ سي 1 (inhibitor protein C1). يؤدي هذا الخلل الى انتاج كمية قليلة، او معيوبة، من البروتين. لهذا البروتين وظيفة هامة في تحقيق التوازن بين التفاعلات البيوكيميائية في بروتينات الدم والتي تضطلع بدور هام وجوهري في عمليات التهابية, في عمليات مناعية وفي تخثر الدم. عندما تقل كمية المثبط C1، او عندما يحدث فيه خلل ما، فهذا يؤدي الى اختلال التوازن الذي يؤدي، بالتالي، الى زيادة تفعيل هذا النظام والى ازدياد قدرة السوائل على الانتقال من الاوعية الدموية الى الانسجة – عملية تكون الوذمة.
يتم نقل المرض بطريقة صبغية جسدية سائدة (Autosomal dominant), بحيث ان الشخص الذي يعاني احد والديه من الوذمة الوعائية العصبية الوراثية سوف يعاني من هذا المرض، باحتمال تبلغ نسبته 50%. ولكن, حتى عدم وجود اية اصابات سابقة بالوذمة الوعائية العصبية الوراثية في تاريخ العائلة، لا يلغي – بصورة مؤكدة - احتمال الاصابة بالوذمة الوعائية العصبية الوراثية, اذ من الممكن ان تحدث الاصابة به بسبب طفرة (تغيير جيني - Mutation) جديدة تحصل لدى المريض.
بما ان الوذمة الوعائية العصبية الوراثية نادرة, ففي كثير من الاحيان لا يتم تشخيصه بصورة صحيحة، بحيث يخضع المريض لفحوصات متكررة لاستيضاح ماهية وسبب اوجاع في البطن، بل قد تصل حتى الى درجة اخضاعه لعمليات جراحية دونما حاجة اليها، بسبب الاشتباه بانه يعاني من "بطن حاد" (Acute abdomen), او اخضاعه لتشخيص نفسي مغلوط لمرض جسدي – نفسي (Psychosomatic).
تشخيص وذمه وعائية عصبية وراثية / داء كوينكه
حتى في حال الاشتباه بوجود وذمة وعائية عصبية وراثية، فان المسبب لها، بشكل عام، هو الارجية (حساسية - Allergy)، او عامل مسبب اخر، وليس النقص في C1. الفحوصات التي تؤكد التشخيص بشكل مؤكد وقاطع هي فحوصات دم وفحوصات جينية.
في فحوصات الدم يتم فحص كمية البروتين المثبط لـ C1 وكيفية عمل البروتين. عند غالبية الاشخاص الذين يتعرضون للاصابة بهذا المرض (85%)، ينجم المرض عن نقص في البروتين المثبط لـ C1, لكن لدى نحو 15% من المرضى تكون كمية البروتين طبيعية وسليمة تماما، بل تكون احيانا اعلى من المعدل المالوف، لكن هنالك خللا في عمل البروتين، وهكذا تتكون الوذمة.
علاج وذمه وعائية عصبية وراثية / داء كوينكه
الادوية الكلاسيكية المستعملة لمعالجة الوذمات، مثل الستيرويدات (steroids), والادرينالين (Adrenaline) ومضادات الهستامين (Antihistamine) ليست ناجعة في علاج الوذمه الوعائية العصبية الوراثية. لذلك, في فترة حصول النوبة يجب رفع مستوى البروتين المثبط لـ C1 في الدم، وذلك عن طريق اعطاء البروتين المثبط لـ C1 بصورة مركزة. ويمكن العلاج، ايضا، بواسطة اعطاء الجسم مكونات البلازما (FFP) وفي الفترة الاخيرة صدق ايضا على علاج بواسطة دواء يثبط تحليل البروتين المثبط لـ C1 مما يؤدي الى رفع نسبته في الدم وتوقف النوبة الحادة. بالاضافة الى ذلك, يتم خلال النوبة اعطاء المريض علاجا يساعد في تخفيف الاعراض، مثل اوجاع البطن والانتفاخات في الاعضاء المختلفة في الجسم.
المرضى الذين يعانون من نوبات كثيرة ومتكررة تتم معالجتهم بعلاج وقائي يدعى دينازول (Dynasol) يحتوي على هرمون ذكري معد لانتاج الانزيم الناقص المثبط لـ C1 في الكبد. لدى النساء - هذا النوع من الدواء يسبب تثخن الصوت, كثرة الشعر واضطرابات في الدورة الشهرية. كما قد يشكل هذا الدواء، على المدى البعيد، عامل خطر لارتفاع مستوى الكلسترول وشحميات الدم.
علاج وقائي اخر هو حمض الترانيكساميك (Tranexamic Acid)- وهو مستحضر يثبط انزيمات تشارك في عملية التخثر في الجسم. هذا الدواء قليل الاستخدام وفعاليته في حال حدوث نوبات حادة من الوذمة الوعائية العصبية الوراثية ليست مرتفعة.
الاشخاص الذين لا يعانون من نوبات متواترة ينصح بمعالجتهم بعلاجات وقائية قبل اخضاعهم لعمليات جراحية وقبل خضوعهم لعلاجات لدى طبيب الاسنان، وهي التي قد تسبب ظهور النوبة.
تجرى اليوم ابحاث على عدد من العلاجات الحديثة التي تعمل باليات اخرى تختلف عن العلاجات المتوفرة والمعتمدة حاليا. هذه الادوية قد تكون اكثر كفاءة ونجاعة واثارها الجانبية اقل.