اليكم معني وتفسير قوله تعالى" رب المشرقين ورب المغربين"

قال تعالى في سورة الرحمن: (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ)
هل نفسرها بأن نقول المقصود بالمشرقين: المشرق في هذه الدنيا على هذه الأرض ، والمشرق في الدار الآخرة ؟ أم إن لها تفسيرا آخر؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد...
جاء "المشرق والمغرب" في القرآن الكريم مفردا ومثنى وجمعاً .قال الله تعالى : (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) الرحمن/ 17
وقال تعالى : (رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ) الصافات/ 5
وقال سبحانه : (فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ * عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ) المعارج/ 40، 41
وقال سبحانه : (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا) المزمل/ 9 .
فقوله عز وجل : (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) :
يعني بذلك : مشرقَي الصيف والشتاء ، ومغربي الصيف والشتاء ، فإن الشمس تتحرك في فصل الشتاء نحو شمال الأرض ، وتتحرك في فصل الصيف نحو جنوبها ، فيختلف مكان طلوعها في فصل الشتاء عنه في فصل الصيف ، وكذلك مكان غروبها ، فيكون لها مشرقان ، أحدهما في الشتاء والثاني في الصيف ، ويكون لها أيضا مغربان .
والمراد بقوله : (رَبّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ) مشارق الشمس ومغاربها باعتبار مشرقها ومغربها كل يوم، لأنها في كل يوم لها مشرق ومغرب ، غير مشرقها ومغربها بالأمس.
أو المراد : مشارق النجوم والكواكب والشمس والقمر .
والمراد بقوله : (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ): جنس المشارق والمغارب ، فيكون المراد منه كل مشارق الشمس ومغاربها .قال ابن كثير رحمه الله :
"(رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) يَعْنِي:
مَشْرِقَيِ الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ، وَمَغْرِبَيِ الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ.
وَقَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: (فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ) ، وَذَلِكَ بِاخْتِلَافِ مَطَالِعِ الشَّمْسِ وَتَنَقُّلِهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ، وَبُرُوزِهَا مِنْهُ إِلَى النَّاسِ.
وَقَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلا) . وَهَذَا الْمُرَادُ مِنْهُ جِنْسُ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ " .