الخلاف في سَنَةِ الإسراء والمعراج:
اختلف أهل العلم في السنة التي أسري فيها بالنبي صلى الله عليه وسلم، على أقوال منها:
1- القول الأول: قبل الهجرة بسنة:
- روى ابن سعد في الطبقات(1/213-214) من طريق محمد بن عمر الواقدي بأسانيده إلى عبد الله بن عمرو بن العاص، وأم سلمة، وعائشة، وأم هانئ، وابن عباس دخل حديث بعضهم في بعض أنهم قالوا: أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة سبع عشرة من شهر ربيع الأول قبل الهجرة. ولكن الواقدي متروك.
- وأسند ابن عبد البر في التمهيد (8/50 )، والبيهقي في دلائل النبوة (2/354) من طريق موسى بن عقبة، عن الزهري أنه قال: أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم قبل خروجه إلى المدينة بسنة. وهذا ضعيف مرسل. فمرسلات الزهري شبه الريح، كما قال يحيى بن سعيد القطان.
- وأسند البيهقي في الدلائل أيضا (2/354-355 ) من طريق ابن لهيعة، عن أبى الأسود، عن عروة مثل قول الزهري، أي: قبل الهجرة بسنة. و هو مرسل أيضا وفي إسناده ابن لهيعة.
2- القول الثاني: قبل الهجرة بأشهر:
- روى البيهقي أيضا في دلائل النبوة (2/355) من طريق أحمد بن عبد الجبار، عن يونس بن بكير، عن أسباط بن نصر، عن إسماعيل السدي أنه قال: فرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم الخمس ببيت المقدس ليلة أسرى به، قبل مهاجره بستة عشر شهرا. وهذا أيضا مرسل وفي رجال إسناده ضعف.
3- القول الثالث: قبل الهجرة بخمس سنين:
- أسند ابن عبد البر أيضا (8/51-52) من طريق يونس بن بكير قال حدثنا عثمان بن عبد الرحمن عن الزهري: قال فرضت الصلاة بمكة بعد ما أوحى الله إلى النبي صلى الله عليه وسلم بخمس سنين. عثمان بن عبد الرحمن هو الوقاصي متروك. فالقول الأول عن الزهري أصح.
4- أقوال أخرى:
هناك أقوال أخرى في تحديد تاريخ الإسراء، لم أقف لها على زمام و لا خطام، تزيد على عشرة أقوال، ذكرها الحافظ ابن حجر في "الفتح"(7/203)، والسيوطي في "الآية الكبرى في شرح قصة الإسراء" (ص36)، منها: أن الإسراء كان قبل البعثة (قال ابن حجر والسيوطي: وهو شاذ)، وقيل: قبل الهجرة بثمانية أشهر، وقيل: بستة أشهر، وقيل: بأحد عشر شهرا، وقيل: بخمسة عشر شهرا، وقيل: بسبعة عشر شهرا، وقيل: بثمانية عشر، وقيل: بعشرين شهرا، وقيل: بثلاث سنين، وقيل بخمس سنين، وقيل غير ذلك.
• الخلاف في شهر الإسراء:
نشأ عن الخلاف المتقدم في تحديد تاريخ الإسراء، خلاف كثير في تحديد الشهر الذي أسري فيه بالنبي صلى الله عليه وسلم.
- قال ابن كثير في البداية والنهاية (3/109): فعلى قول السدي يكون الإسراء في شهر ذي القعدة، وعلى قول الزهري وعروة يكون في ربيع الأول.
- ثم قال رحمه الله: "وقال أبو بكر بن أبى شيبة: حدثنا عثمان، عن سعيد بن ميناء، عن جابر وابن عباس، قالا: ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول، وفيه بعث، وفيه عرج به إلى السماء، وفيه هاجر، وفيه مات". قال ابن كثير: "فيه انقطاع. وقد اختاره الحافظ عبد الغنى بن سرور المقدسي في سيرته، وقد أورد حديثا لا يصح سنده، ذكرناه في فضائل شهر رجب، أن الإسراء كان ليلة السابع والعشرين من رجب والله أعلم. ومن الناس من يزعم أن الإسراء كان أول ليلة جمعة من شهر رجب، وهى ليلة الرغائب التي أحدثت فيها الصلاة المشهورة، ولا أصل لذلك.والله أعلم".
- وقال الإمام أبو الخطاب بن دحية: "ذَكَر بعْض القصاص أن الإسراء كانَ في رجب، وذلك عنْد أهل التعديل والتجريح عيْن الكذب" (أداء ما وجب ص53-54)، ونقل ذلك عنه مقرا له الحافظ ابن حجر في تبيين العجب.
وهناك أقوال أخرى في تحديد شهر الإسراء، فقد قيل: في ربيع الآخر، وقيل في رمضان، وقيل في شوال. (ذكرها السيوطي في الآية الكبرى)